ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي
صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور
عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشد
من المؤمنين ومما جاء في خطبتيه
الخطبة الاولى
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. صدق الله العظيم.
أهميَّةُ الدّعاء
إنَّ من أهمّ النّعم الّتي أنعم الله تعالى بها على عباده، بل من أبرزها، أنّه فتح لهم باب الدّعاء واسعًا ليتواصلوا معه، ويبثّوا إليه همومهم ومشاكلهم وما يعانونه، وليعبّروا من خلاله عمّا يرجون منه ويأملون أن يساعدهم فيه، من دون أيّ وسيط بينه وبينهم، وهو باب مفتوح لهم دائمًا، ولم يميّز فيه أحد على الآخر، فالكلّ يستطيعون التّواصل معه.
وهو وعدهم بأن يجيبهم إن هم دعوه، وأن يلبّيهم إن هم نادوه، ويغيثهم إن هم استغاثوا به، وهذا ما أشار به إلى رسوله (ص): {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي}، وعندما قال عزَّ وجلَّ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.
وقد بيّنت الأحاديث النّتائج الّتي تترتّب على الدّعاء، فقد ورد عن أمير المؤمنين (ع) في وصيَّته لابنه الإمام الحسن (ع): "اِعلَمْ أنَّ الَّذي بِيَدِهِ خَزائنُ مَلَكُوتِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ، قَد أذِنَ لِدُعائكَ، وتَكَفَّلَ لإجابَتِكَ، وَأمَرَكَ أن تَسألَهُ لِيُعطِيَكَ، وَهُوَ رَحيمٌ كَريمٌ، لَم يَجعَلْ بَينَكَ وَبَينَهُ مَن يَحجُبُكَ عَنهُ، وَلَم يُلْجِئْكَ إلى مَن يَشفَعُ لَكَ إلَيهِ... ثُمَّ جَعَلَ في يَدِكَ مَفاتيحَ خَزائنِهِ، بِما أذِنَ فيهِ مِن مَسألَتِهِ، فَمَتى شِئتَ استَفتَحتَ بِالدُّعاءِ أبوابَ خَزائنِهِ".
وفي الحديث: "ادفعوا أمواج البلاء عنكم بالدّعاء قبل ورود البلاء"، "عليكم بالدّعاء، فإنَّ الدّعاء يردّ البلاء وقد قدِّر وقضي".
كذلك يشير الحديث إلى أنَّ الدّعاء ينتج على كلّ حال: "المؤمنُ من دعائِه على ثلاثٍ: إمَّا أنْ يُدَّخرَ له، وإمَّا أنْ يُعجَّلَ له، وإمَّا أنْ يُدفعَ عنه بلاءٌ يريدُ أنْ يُصيبَه".
وفي الحديث: "إنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا".
المنقذُ من العذاب
ولتأكيد هذا الدَّور الَّذي يؤدّيه الدّعاء والنَّتائج الّتي تحصل منه، أشار الله سبحانه في القرآن الكريم إلى ما أدّى إليه الدّعاء عند أمم وأفراد سابقين، فقد بيّن في حديثه عن قوم يونس (ع) أنَّ الدّعاء هو الّذي أنقذهم من العذاب المحتَّم الَّذي كاد يصيبهم. فهؤلاء بعدما غادرهم نبيّهم ليأسه من هدايتهم، وكان ذلك نذير عذاب من الله سيصيبهم كما أصاب أقوامًا سابقين، خرجوا إلى الصّحراء كبارًا وصغارًا يتضرَّعون إلى الله سبحانه حتّى لا يصيبهم العذاب، فلمَّا رأى الله عزَّ وجلَّ منهم صدق النيّة بالدّعاء والتَّوجّه إليه، منعه عنهم، وفي ذلك نزلت الآية: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ أَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا أَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}.
وأشار الله سبحانه إلى دور الدّعاء في حديثه عن النّبي أيّوب (ع)، وأنّه هو الّذي أدّى إلى شفائه من البلاء الّذي أصابه، والّذي بسببه تركه أولاده وحتَّى زوجته، والّذي جاء في قوله عزّ وجلّ: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ...}.
وقد تحدَّث الله عن أنَّ الدّعاء هو الّذي أخرج النّبيَّ يونس (ع) من ظلمات بطن الحوت بعدما ابتلعه، كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}.
وأشار عزَّ وجلَّ إلى استجابته لدعاء زكريَّا (ع) عندما دعاه إلى أن يهب له ولدًا رغم كبر سنِّه، وأنَّ امرأته كانت عاقرًا، فقال في ذلك: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}.
والدّعاء كان حاضرًا في معركة بدر، يوم واجه المسلمون بقيادة رسول الله (ص) قريشًا الّتي كانت في عزّ قوّتها، حتّى إنَّه قيل عنها "ما ذلّت منذ عزَّت"، وفي معركة غير متكافئة على صعيد العدد والعتاد والجهوزيّة لها.
وقد أشار الله سبحانه إلى الأثر الّذي تركه الدّعاء على صعيد هذه المعركة، والنّصر الّذي تحقّق لهم يومها، عندما قال: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}، وكان النّصر المؤزَّر حليفهم..
وفي معركة الأحزاب، يوم تكالبت قوى الشِّرك على مهاجمة المدينة لاستئصال جذور الإيمان فيها، كان دعاؤهم: "يا صَريخَ الْمَكْرُوبينَ، يا مُجيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ، اكشف غمَّنا وهمَّنا وكربنا، واكشف هول عدوِّنا"، فكان أن هزم الأحزاب وانتصر المسلمون في هذه المعركة.
شروط الدّعاء
لذلك، أيُّها الأحبَّة، نحن لا يمكن أن نيأس مهما تكالب علينا الأعداء، وواجهتنا البلاءات، وعصفت بنا التّحديات، ما دام هذا الباب مفتوحاً لنا دائمًا وأبدًا، وهو الدّعاء، الّذي أشارت الأحاديث إليه عندما قالت: "الدّعاء سلاح المؤمن"، "الدّعاء ترس المؤمن"، و"لا يهلك مع الدّعاء أحد"، وفي الحديث: "لا تحقّروا صغيرًا من حوائجكم، فإنَّ أحبَّ المؤمنين إلى الله تعالى أسألهم".
ولكن هذا لا يعفينا من مسؤوليَّة أن نحقّق في أنفسنا شروط الدّعاء؛ بأن ندعو الله بقلوبنا لا بألسنتنا فقط، فالله عزَّ وجلَّ لا ينظر إلى ألسنتنا، بل يريد أن تلهج قلوبنا بالدّعاء، فهو لا يقبل دعاء قلب لاه ساه، وعندما ندعوه، يجب أن يكون لدينا كلّ الثّقة به، وأنّه قادر على تحقيق طلباتنا وما نرجوه منه، أكثر من ثقتنا بأيّ أحد سواه، مهما كانت قدراته وإمكاناته.
وأن يكون هذا الدّعاء بلسان طاهر غير بذيء، وبقلب نقيّ، ونحن على يقين بأنّه يريد الخير لنا إن هو استجاب، وحتّى إن لم يستجب لما طلبنا، فهو يعطينا ما هو أفضل لنا، لكونه أعلم بما يصلحنا، وأحرص علينا من أنفسنا، ولا يأتي منه إلَّا الخير، وقد ورد في الحديث القدسيّ: "يا بنَ آدَمَ، أطِعْني فيما أمَرتُكَ، ولا تُعَلِّمْني ما يُصلِحُكَ".
وقد ورد في الحديث: "لا يزال المؤمن بخير ورخاء ورحمة من الله، ما لم يستعجل فيقنط فيترك الدّعاء، ويقول: قد دعوت منذ كذا وكذا ولا أرى الإجابة".
ولكنَّ الدّعاء لم يرده الله عزَّ وجلَّ أن يكون في كلّ مواقعه دعاء الكسالى والجالسين في بيوتهم، ينتظرون رزقًا ونصرًا وتأييدًا وتسديدًا من الله عزَّ وجلَّ، فالله لا يحبّ البطَّالين المتواكلين عليه، بل هو وعد العاملين بالإجابة، الَّذين يؤدّون ما عليهم تجاهه وبما عليهم القيام به.
وقد ورد في الحديث: "أربعة لا يستجاب لهم دعاء: رجل جالس في بيته يقول: يا ربّ ارزقني، فيقول الله له: ألم آمرك بالطَّلب؟! ورجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقول: ألم أجعل أمرها بيدك؟! ورجل كان له مال فأفسده فيقول: يا ربّ ارزقني، فيقول له: ألم آمرك بالاقتصاد؟! ألم آمرك بالإصلاح؟!... ورجل كان له مال فأدانه بغير بيِّنة، فيقول: ألم آمرك بالشّهادة؟!".
الدّعاء.. في الأزمات
أيُّها الأحبَّة: إنّنا نعيش في مرحلة هي من أصعب المراحل وأشدّها علينا، حيث الأرض تهتزّ تحت أقدامنا، إن على صعيد الدّاخل، أو ما نواجهه من الخارج، والمطلوب أن لا نيأس، أن لا نجزع، أن لا ننهزم، ونحن في مملكة الله الَّذي يدير أمر هذه الحياة، ودائمًا إلى خير، وهو الّذي فتح لنا بابًا واسعًا للتّواصل معه، ووعدنا بالإجابة إن نحن دعوناه. فلنطرق بابه عندما تواجهنا الأزمات والصّعوبات والتّحدّيات، وهو عند وعده بأن يستجيب لكلّ من يطرق بابه بالخير والصّلاح، وهو عند حسن ظنِّ عبده به، ولكن دائمًا بعدما نقوم بما علينا تجاهه وتجاه ما ندعو به...
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما جاء في وصيّة الإمام الرّضا (ع) الَّذي استعدنا ذكرى وفاته في السَّابع عشر من هذا الشَّهر شهر صفر، والَّتي حدَّد من خلالها إلى من تتوجَّه مشاعر المؤمنين ومواقفهم، عندما قال (ع) لهم: "من أحبّ عاصيًا فهو عاص، ومن أحبّ مطيعًا فهو مطيع، ومن أعان ظالمًا فهو ظالم، ومن خذل عادلًا فهو خاذل، إنّه ليس بين الله وبين أحد قرابة، ولا ينال أحد ولاية الله إلّا بالطّاعة، ولقد قال رسول الله (ص) لبني عبد المطّلب: أئتونِي بأعمالكم، لا بأنسابكم وأحسابكم".
وفي ذلك قال الإمام الباقر (ع) لأصحابه: "والله ما معنا من الله براءة، ولا بيننا وبين الله قرابة، ولا لنا على الله حجّة، ولا نتقرّب إلى الله إلَّا بالطّاعة، فمن كان منكم مطيعًا لله تنفعه ولايتنا، ومن كان منكم عاصيًا لله لم تنفعه ولايتنا".
فلنستوصِ بوصايا هذا الإمام، بأن نبدي مشاعرنا لمن أطاع الله وأحبَّه، وأن لا نعين ظالمـًا، ولا نخذل من يعمل للعدل ويواجه الظّلم، وعندما نأتي إلى الله، نأتيه كما أمر بأعمالنا ومواقفنا، حيث الجزاء عنده بالأعمال، وبذلك نخلص لهذا الإمام، ونكون أكثر قدرة على مواجهة التّحدّيات.
العدوان.. ومسؤوليَّة الدَّولة
والبداية من لبنان الَّذي يستمرّ العدوّ الصّهيوني بممارساته العدوانيّة عليه، دون أن نشهد أيّ ردّ فعل من الدّولة اللّبنانيّة الَّتي من واجبها حماية مواطنيها والسّيادة على أرضها، ولو برفع صوتها في المحافل الدّوليّة، وعبر مجلس الأمن، والّذي إن حصل، سيعزّز ثقة اللّبنانيّين بدولتهم وبحضورها عندما تواجههم التّحديات، أو عندما ينتقص من سيادتها، فلا تبقى مكتوفة اليدين أمام ما تشهده من اعتداءات.
تداعيات القرار!
في هذا الوقت، لا يزال لبنان تحت وطأة تداعيات القرار الَّذي صدر عن مجلس الوزراء، والقاضي بحصريّة السّلاح بيد الدّولة، وسحب أيّ سلاح آخر حتّى سلاح المقاومة، والَّذي صدر من دون أن يتضمَّن أيّة خطّة دفاعيّة يطمئنّ معها اللّبنانيّون إلى أنَّ دولتهم قادرة على التّصدّي للأخطار الّتي تحدق بهم، ومن دون أيَّة ضمانات من الرّاعي الأميركيّ بإلزام العدوّ بما تمّ التّوافق عليه في قرار وقف إطلاق النّار مع الدّولة اللّبنانيَّة، ووقف العدوان، والانسحاب من الأراضي الَّتي لا يزال يحتلّها، وإطلاق الأسرى الّذين يقبعون في سجون الاحتلال، ومن دون أن يأخذ في الاعتبار تداعيات هذا القرار على الدّاخل اللّبناني، إن على صعيد التّماسك الحكوميّ، أو على الصّعيد الشَّعبيّ، والَّذي شهدناه في الانقسام الَّذي حصل بعد صدور هذا القرار ولا يزال، والّذي يخشى من تفاقمه بما يهدّد الوحدة الوطنيّة الّتي هي ضمانة هذا البلد، والعنصر الأساس لقوَّته، وهو ما لن يكون الرّابح منه إلّا العدوّ الصّهيوني.
ونحن في هذا الإطار، وإلى حين استحقاق تنفيذ هذا القرار، إن تمَّ الإصرار على تنفيذه بالصّورة الّتي أقرّ بها، وحرصًا منّا على استقرار البلد ووحدته، سنبقى نراهن على جهود المخلصين في هذا البلد، ممّن يسعون إلى التّوصّل إلى صيغة تضمن عدم وصول البلد إلى طريق مسدود، والّتي نريدها أن تأخذ في الاعتبار حفظ أمن البلد وسيادته وقوَّته، وقدرته على مواجهة أيّة تحدّيات قادمة مع عدوّ شهدنا أخيرًا رئيس أركان جيشه يستبيح سيادته، ويهدّده ويتوعّده بالمزيد ممّا تحدّث عنه من قتل وغارات تستهدفه.
أهميّة العلاقة مع إيران
ونتوقّف عند زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني الّتي جاءت لتؤكّد عمق العلاقة الّتي تربط الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران مع لبنان، ولتمتين هذه العلاقة. ونحن في الوقت الّذي نريد للدّولة أن تحرص على سيادة هذا البلد ومنع التّدخّلات الخارجيّة في شؤونه، ولكنّنا لا نريد أن يكون في ذلك صيف وشتاء على سطح واحد، بحيث لا نسمع أيَّ أصوات تندّد بتدخّلات وتهديدات وإملاءات عليه من دول تتبنّى الكيان الصّهيونيّ، بينما ترتفع الأصوات في وجه من كان عونًا له في تحرير أرضه من الاحتلال الصّهيوني، وفرض سيادته عليها، ومن أبدى حرصه على عدم التّدخّل بشؤونه، والّذي جاء على لسان رئيس مجلس أمنها القوميّ، ما يدعو إلى تقدير هذا الموقف والبناء عليه في العلاقة مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، وعدم استعداء هذا البلد.
تصريح خطير للعدوّ
ونتوقّف عند الحديث الخطير لرئيس وزراء العدوّ، والّذي أفصح فيه عن مشروعه الّذي سيبدأ بتنفيذه، وهو يشكّل الحلم الّذي بني عليه هذا الكيان، وهو ما كان يسعى إليه دائمًا لتحقيق إسرائيل الكبرى، والّذي سيكون على حساب لبنان وسوريا وقطاع غزّة والضّفّة الغربيّة والأردن ومصر، وقد يمتدّ إلى دول أخرى. ونحن في الوقت الّذي ننوّه بكلّ البيانات الّتي صدرت عن العديد من الدّول، نرى أنّ هذا القرار لا يواجه فقط ببيانات استنكار وإدانة، بل بالعمل، وبكلّ جديّة، لتوحيد الجهود، والوقوف في وجه هذا المشروع التَّدميري للعالم العربيّ، وعدم الاستكانة لكلّ ما يتحدَّث به هذا العدوّ عن إقامة حدود آمنة مع جيرانه والتّطبيع معها، والتّلهّي عنه بالخلافات الّتي تعصف داخل كلّ بلد من هذه البلدان، أو الّتي تجري فيما بينها. ولعلّ أبرز خطوات مواجهة هذا المشروع وأهمّها، يتمثّل في الوقوف مع الشّعب الفلسطينيّ، ومنع العدوّ من تحقيق أهدافه الّتي يسعى إليها باحتلال غزّة وتهويده للضّفّة الغربيّة، تمهيدًا لتصفية القضيّة الفلسطينيّة.
أربعين الحسين (ع)
وأخيرًا، نتطلّع باعتزاز إلى الملايين الّذين يفدون اليوم، وفي أربعينيّة الإمام الحسين (ع)، إلى كربلاء، بقلوبهم العابقة بالحبّ للحسين (ع) لزيارة مقامه، تعبيرًا عن الوفاء لهذا الإمام، والتزامًا بالأهداف السّامية الّتي لأجلها كانت ثورته.
وهنا، لا بدَّ من التّأكيد أنّ هذه الحشود الّتي اجتمعت في كربلاء ليست كما قد يصوّرها البعض لحساب مذهب في مواجهة المذاهب الأخرى، أو دين في مواجهة الأديان الأخرى، بل هي لحساب كلّ الأديان الّتي تلتقي في شعاراتها وأهدافها بالغايات والقيم الّتي انطلق لأجلها الحسين (ع)، والّتي تدعو إلى العدالة ومواجهة الظّالمين والفاسدين والمستكبرين والمستأثرين بأموال الشّعوب ومقدّراتها والمتلاعبين بها.
ونسأل الله أن يحفظ هذه الجموع، ويتقبّل عملهم، ويعيدهم إلى بلادهم سالمين غانمين، ومصلحين لكلّ ما فسد منهم في المواقع الّتي يتواجدون فيها.