25/09/2025

قيمة الصَّبر في مواجهة التحدّيات وتحقيق النّصر

قيمة الصَّبر في مواجهة التحدّيات وتحقيق النّصر

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين ومما جاء في خطبتيه :

الخطبة الاولى :

 

 قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}. صدق الله العظيم.

التسلّح بالصّبر

تشير هذه الآية الّتي تلوناها إلى حقيقة ينبغي ألّا تغيب عن بالنا وبال كلّ من هم على هذه الأرض، وهي أنَّ الحياة الّتي نعيشها لن تكون دائمًا معبّدة لنا ومفروشة بالورود والأزهار والرّياحين، أو تستجيب لكلّ ما نريد ونشتهي، بل سنكون فيها عرضة للبلاءات والامتحانات والتّحديات الّتي قد تؤدّي بنا إلى خوف أو جوع، أو إلى نقص من الأموال والأنفس والثّمرات، وقد تدفع بهم إلى اليأس.

ومن هنا جاءت دعوة الله لنا، بأن نتسلّح فيها بالصّبر، عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، ودعا إلى التّواصي به إلى جانب دعوته إلى التّواصي بالحقّ، عندما قال: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، وقد اعتبره رسول الله (ص) علامةً على الإيمان، ومظهرًا من مظاهره، لذلك نراه عندما سئل أن يعرّف الإيمان، قال: "الصّبر"، لأنّه بدونه لا يمكن للإنسان أن يبلغ الإيمان، أو أن يواجه التّحدّيات الّتي يتعرّض لها بسبب إيمانه، أو أن يحقّق الأهداف الّتي يريدها الله من المؤمنين به، وقد ورد عن أمير المؤمنين (ع): "الصَّبر في الأمور بمنزلة الرّأس من الجسد، فإذا فارق الرّأس الجسد فسد الجسد، وإذا ذهب الصّبر ذهب الإيمان"، وعنه (ع) أنّه خاطب النّاس: "أيّها النّاس، عليكم بالصّبر، فإنّه لا دين لمن لا صبر له".

بالصّبر تتحقَّق الأهداف

والصَّبر لا يعني، كما يعتقد البعض، دعوة للخنوع والخضوع والقبول بالأمر الواقع، حتّى لو كان ظالـمًا أو فاسدًا أو مجرمًا، ممّا لا يمتّ إلى الصّبر بصلة، بل يعني أن يبقى معك عقلك، وأن لا تتجرّد من إيمانك عندما تواجهك الضّغوط والتّحديات الّتي قد تهزّك، فلا تدفعك كلّ هذه التحدّيات إلى التّراجع عن مبادئك وقيمك، أو أن تخضع لشهواتك وغرائزك وانفعالاتك... وبذلك تستطيع أن تواجه كلّ ما يجري لك بوعي ودراسة وتخطيط، وبما يتناسب مع إيمانك وقيمك ومبادئك.

ومن يتابع تاريخ الرّسل والأنبياء، يجد أنّ الصّبر هو القيمة الّتي استعانوا بها لتحقيق أهدافهم، عندما كانوا يواجَهون بالسّباب والشّتائم أو الإبعاد أو الحصار، أو كانت تفرض عليهم الحروب.

وهذا ما أشار إليه الله سبحانه وتعالى عندما قال: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}، {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وقال في آية أخرى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.

وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ما يؤدّي إليه الصّبر عندما نكون في المعركة، قال: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ}، وفي آية أخرى: {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا}، فالصّبر هو ما يمنع العدوّ من أن يحقّق أهدافه...

منزلة الصّابرين في الآخرة

هذا ما نشهده على صعيد الدّنيا. أمّا على صعيد الآخرة، فيبيّن الله عزَّ وجلَّ موقع الصَّابرين ومنزلتهم العالية عنده، فيقول عزّ وجلّ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}، حيث بيّن أنّ الطّريق إلى الجنّة لن يكون إلّا بعد الصّبر والثّبات أمام الزّلازل والتّحديات، والّتي قد تصل إلى أن يستغيث الرّسول والّذين آمنوا معه بالله لينزل عليهم النّصر، وهو بعدها بشّر المسلمين الصّابرين بالرّحمة والجنّة والنّصر، وهذا ما قاله تعالى في آية أخرى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.

وقال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، وقال في آية أخرى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}، وقال في آية أخرى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}، {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.

التّربية على الصّبر

أيّها الأحبَّة، إنَّ ما نعانيه في كثير ممّا يجري في واقعنا هو عدم الصَّبر، فنحن نعاني لأنّنا لا نصبر على شهواتنا ورغباتنا، وعلى أطماعنا وانفعالاتنا، وعلى ردود أفعالنا عندما يسيء إلينا الآخرون، ما يجعلنا نسيء إلى علاقتنا بالله عندما لا نطيعه ونعصيه.

وعدم الصّبر هو السّبب فيما نشهده من توتّرات ومشاكل تحدث داخل البيوت، أو على صعيد الأهل أو الجيران، وفي داخل الحيّ والقرية والمدينة، أو على صعيد الوطن، وهو الّذي يؤدّي بنا إلى الضّعف الّذي نعيشه عندما تواجهنا التّحديات، ويدفعنا إلى التّنازل عن قيمنا ومبادئنا وعن عزّتنا وكرامتنا...

وهذا ما يدعو إلى أن نبذل جهودنا مع أنفسنا، بأن نربّيها على قيمة الصّبر، بأن نصبر على الطّاعة وعدم الوقوع في المعصية، وعلى تحمّل المكاره، وعلى سعة الصّدر وعدم السّقوط عند الابتلاء، وعندما تواجهنا التّحدّيات، وأن نعزّزها داخل مجتمعنا ونتواصى بها، فالمجتمع الّذي لا يصبر سرعان ما يسقط، وسيسهل التَّلاعب به ممن لا يريد به خيرًا، بإثارة التّهاويل الإعلاميّة، أو الضّغط على أمنه وحاجاته ورغباته، وعلينا أن نستعين على ذلك بوعي ما يؤدّي إليه الصّبر على صعيدي الدّنيا والآخرة، وباليقين بما وعد به الله من أن يصبّر من يتصبّر، وأن ندعو بما كان يدعو به الأنبياء: "رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا، وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا، وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ".

أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحقّ، وألهمنا وإيّاكم الصّبر.

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الخطبة الثَّانية

عباد الله، أوصيكم أوصي نفسي بما أوصى به الله سبحانه وتعالى داوود (ع)، عندما قال له: اذهب إلى خلادة بنت أوس وبشّرها بالجنّة، وأعلمها أنّها قرينتك في الجنّة، فذهب إليها، فقرع الباب عليها، فخرجت وقالت: هل نزل فيَّ شيء؟ قال: نعم، قالت: ما هو؟ قال: إنَّ الله تعالى أوحى إليّ وأخبرني أنّك قريني في الجنّة، وأن أبشّرك بالجنّة، قالت: أويكون اسم وافق اسمي؟ قال: إنّك لأنت هي، أريدك أن تخبريني عمّا أوصلك إلى ما وصلت إليه، فقالت: أخبرك أنّه لم يصبني وجع قطّ نزل بي كائنًا ما كان، ولا نزل ضرّ بي وحاجة وجوع كائنًا ما كان، إلّا صبرت عليه، ولم أسأل الله كشفه عني حتّى يحوّله الله عنّي إلى العافية والسّعة، ولم أطلب بها بدلًا، وشكرت الله عليه وحمدته، فقال داوود (ع)، فبهذا بلغت ما بلغت.

أيّها الأحبّة، إنّنا أحوج ما نكون إلى هذه القيمة الّتي تجعلنا نصبر على بلاء الله ونرضى بقضائه، ولا نرى له بدلًا ،وبذلك نكون أكثر قوّةً وقدرةً على مواجهة التّحديات.

عدوانٌ مستمرّ.. وصمود

والبداية من العدوان الصّهيونيّ المستمرّ على لبنان منذ سنة، والّذي لم يتوقّف، ولا يبدو أنّه سيتوقّف، رغم الاتّفاق الّذي جرى معه، والّذي تمّ بضمانات دوليّة والتزام الدّولة اللّبنانيّة، ومعها المقاومة، بكلّ بنوده، بل يسعى العدوّ من خلاله إلى أن يحقّق من خلاله ما لم يستطع تحقيقه في الحرب، من احتلال وتدمير منهجيّ للقرى الحدوديّة، وعمليّات الاغتيال والقصف للمواقع، وهو ما شهدنا نماذج منه في الأسبوع الماضي في المجزرة الَّتي أودت بحياة عائلة جنوبيّة، فاستشهد منهم ثلاثة أطفال مع أبيهم، في سياق الضّغط على أهالي هذه المنطقة ومنعهم من عودة الحياة الطبيعيّة إليها، بعدما رأى إصرارهم على التشبّث بأرضهم والبقاء فيها، ممّا يراه العدوّ تحدّيًا له. وهنا، لا بدّ أن نحيّي هذا الصّمود والثّبات لأهالي الشّريط الحدوديّ، والّذين يؤكّدون ولمرّة جديدة، مدى تعلّقهم بأرضهم وحبّهم لها، واستعدادهم لتحمّل التّضحيات من أجلها...

ولا بدَّ أيضاً أن ننوّه بكلّ الجهود الّتي تبذل من أجل ضمان هذه العودة، في الوقت الّذي نجدّد دعوتنا للحكومة اللّبنانيّة إلى أن تولي هذه المنطقة اهتمامها، والقيام بالدّور المطلوب منها في تأمين كلّ المستلزمات الّتي تضمن لهؤلاء الأهالي العودة إلى أرضهم والثّبات فيها وإعمارها...

 

تهديد أمريكيّ للبنان

ونبقى على هذا الصّعيد، لنتوقّف عند الكلام الخطير الّذي صدر عن المبعوث الأميركيّ الّذي وجّه كلامه إلى الحكومة اللّبنانيّة، واتّهمها بالتّقصير، وتغاضيها عن سعي المقاومة لاستعادة قدراتها، وأنّها تكتفي بالكلام من دون أفعال، لعدم قيامها بالإسراع بنزع سلاح المقاومة، من دون أن يأخذ في الاعتبار تداعيات ذلك على الدّاخل اللّبنانيّ وعلى السّلم الأهليّ، ومن دون أن يقوم بأيّ جهد لإلزام العدوّ بالقيام بما عليه لإيقاف اعتداءاته وانسحابه من الأراضي الّتي احتلّها طبقًا للاتّفاق، وبإعلانه العداء لفريق وازن من اللّبنانيّين له دوره وحضوره داخل الدّولة وعلى الصّعيد الشّعبيّ، ما يشير إلى الضّغط الّذي قد يمارس على الدّولة اللّبنانيّة لإخضاعها، وإلى التّغطية الّتي تمّ منحها للكيان الصّهيونيّ لإطلاق يده في ممارسة الاعتداء على لبنان.

الوحدة في وجه المخاطر

إنّ على اللّبنانيّين أن يكونوا أكثر حرصًا في هذه المرحلة على الوحدة الدّاخليّة، ولا سيما من هم في مواقع المسؤوليّة، لقد كنّا نأمل ألّا تصدر أيّ قرارات تسهم في حصول توتّر داخليّ لا نريده، وأن يؤخذ في الاعتبار خصوصيّة الفعاليّة الّتي حصلت على صخرة الرّوشة من طبيعة المناسبة وخصوصيّتها، وموقع مَنْ لأجلهم كانت المناسبة، وعدم المسّ بمعنويَّات من اكتووا ولا يزالون يكتوون بنار العدوّ الصّهيونيّ واعتداءاته، في الوقت الّذي ندعو أن لا يخرج ما حصل عن حدوده، ونحن على هذا الصّعيد، سنبقى نراهن على العقلاء والواعين والحريصين على هذا الوطن لمعالجة تداعيات ما حصل، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى تعزيز الوحدة الإسلاميّة والوطنيّة، منعًا لاستغلال ما حصل ممّن لا يريدون خيرًا بهذا البلد.

إنّنا ندعو اللّبنانيّين إلى أن يكونوا أكثر وعيًا للمخاطر الّتي تترتّب على ما يجري في المنطقة، والّتي يسعى العدوّ فيها للاستفادة من قدراته العسكريّة وموقعه المتفوّق والتّغطية الأميركيّة الّتي يحظى بها لفرض شروطه على دول المنطقة، وإدخالها ضمن اتّفاقيّات أمنيّة تكون لحسابه وعلى حساب المنطقة كلّها، وهذا لا يتمّ إلّا باستحضار اللبنانيين مواقع قوّتهم، وعدم التّفريط بوحدتهم الّتي تبقى صمّام الأمان لهذا البلد.

عزلة الكيان الصّهيوني

ونتوقّف عند الّذي جرى أخيرًا في الأمم المتّحدة من تأييد واسع لدولة فلسطين، والّذي أدَّى إلى مزيد من العزلة الدّوليّة على الكيان الصّهيونيّ.

إنّنا نرى في ما جرى ولادة لمناخ سياسيّ دوليّ مؤيّد للقضيّة الفلسطينيّة، ونأمل أن تؤدّي هذه الخطوة إلى تحقيق تطلّعات الشّعب الفلسطينيّ الصّابر بالعيش بحريّة وكرامة وعزّة يستحقّها، وذلك في ظلال دولة كنّا وسنبقى نراها في كلّ فلسطين، من البحر إلى النّهر.

الضّغط لوقف حرب الإبادة

ونصل إلى فلسطين المحتلّة، لندعو الدّول العربيّة والإسلاميّة إلى الضّغط بكلّ ما تستطيع لوقف حرب الإبادة الّتي تشنّ على الشّعب الفلسطينيّ، ولتهجير من يبقى منه، ونحن على ثقة بأنَّ هذه الدّول تستطيع القيام بخطوات عمليّة من شأنها وقف إجراءات العدوّ واعتداءاته في غزّة والضفّة على السّواء، بعد شبه الإجماع العالميّ الّذي حصل بتأييد دوله للشّعب الفلسطينيّ...

في الوقت الّذي نحيّي صمود هذا الشّعب الّذي يقدّم في كلّ يوم أنموذجًا يحتذى في مواجهة هذا العدوّ، رغم قلّة الإمكانات والقدرات، وهنا نرحّب بالمواقف الدّاعمة لهذا الشّعب، وخصوصًا من يسعون اليوم لكسر الحصار عن غزّة، من خلال الأسطول الكبير من السّفن، والّذي يواصل مسيرته رغم استهدافه من قبل العدوّ، ما يشير إلى وجود ضمائر لا تزال حيّة في هذا العالم، والّتي ينبغي أن يراهن على تعزيزها.

ذكرى العدوان على لبنان

وأخيرًا، نتوقّف، وفي ذكرى مرور عام على الحرب الصّهيونيّة العدوانيّة على لبنان، وما ألحقته من دمار كبير في الجنوب والبقاع والضّاحية، لنستذكر ونحن نستعيدها، آلاف الشّهداء الّذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه من نصرة المظلومين في أرضهم، وفي حماية وطنهم، والحفاظ على عزّته وكرامته، وأن لا يكون للعدوّ موقع فيه، وعلى رأسهم الشّهيدان العزيزان، سماحة السيّد حسن نصر الله، وسماحة السيّد هاشم صفيّ الدّين، الذين قدّموا بشهادتهم أنموذجًا في البسالة والتّضحية والفداء، والّذي يشهد على ذلك ما صنعوه من انتصارات وعزّة للوطن والأمّة، والمواقع الّتي ثبتوا فيها ولم يغادروها حتّى الشّهادة، ولا ننسى الشّهداء الأحياء من الجرحى والصّابرين وعوائل الشّهداء، وشعبنا الأبيّ المضحّي والصّابر الّذي بقي محافظًا على مبادئه وعزيمته وقيمه وإرادته الصّلبة، رغم ما عاناه ولا يزال يعانيه من التّهجير والتّدمير.

 

ع
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير