السيد محمد الحسيني
الفقيه ( المرجع ) والمفسّر ؛ العلاّمة الأديب ( الشاعر ) ، أشهر من أن يعرّف ، مؤسس الحالة الإسلامية والالتزام الديني الشعبي في لبنان ، والأب الرحيم والمرشد الحكيم والكهف الحصين للمقاومة ؛
بصمته في صوته المدويّ ، في تكريس التديّن الواعي ؛ والكلمة القوية الهادفة ، والحضور الفاعل ..وبما يتجاوز لبنان ..
مشروعه تديين الناس وتعبيدهم لله وحده في خط أهل بيت المصطفى ؛ يتلو مزاميرهم بنفسه ، وينشر عبق وصاياهم وأحاديثهم هنا وهناك من غير تكلّف ولا تصنّع ، فيقرأ الزيارة والدعاء بل ومقتل الحسين (ع) ..من دون كللٍ أو ملل ؛ على مدى الأيام والساعات
خرج من الإطار التقليدي في العمل الشعبي ، من المسجد الى المؤسسات الخيرية الحاضنة لأبناء الإسلام : عشرات المياتم والمدارس والمعاهد التعليمية والمراكز الصحية ؛ في سابقةٍ تاريخية لم يعرفها العمل الديني
..
انتماؤه لخط أهل البيت بوعي ومسؤولية أهّله ليكون محل تقدير واحترام الآخر ؛ المسلم وغير المسلم ..
تفسيره ( من وحي القرآن / ٢٠ مجلداً ) مدرسة للعلم والعمل ، يجد فيه قارئه بتأملٍ استحضاراً لكلمات الله في يومياته وتحديات حياته ..
ولا تبتعد كتبه الأخرى عن هذا المنهج النبوي : ( خطوات على طريق الإسلام ) و ( الإسلام ومنطق القوة ) و( الحوار في القرآن الكريم ) و ( مفاهيم إسلامية عامة ) و( الحركة الإسلامية - هموم وقضايا ) و ( في رحاب أهل البيت ) و ( أحاديث عاشوراء ) ..وسلسلةٍ من الإصدارات أشهرها ( الندوة / ٢٠ مجلداً )
..
قرأت له مبكراً وأنا ' ربما ابن ست عشرة سنة ؛ (مفاهيم إسلامية) ، وكانت تطبع متفرقات ، أتذكر إنها ( التهذيب الاجتماعي في الإسلام ) ، وكانت الحلقات تتداول سرّاً ، فصاحبها مجرّم بنظام البعث ، وتداولها جريمة بقانون هذا النظام . ثم ، اطلعت على كتابه ( خطوات على طريق الإسلام ) ، اصطحب والدي المرحوم نسخة معه من الكويت أمكنه إخفاءها عن عيون المفتشين ، وكان والدي ضنيناً بهذه النسخة .. ولم أقرأ الكتاب كله يومذاك ..
ومنذ ذلك الوقت تاق قلبي وعقلي للسيد فضل الله ، وشاءت الأقدار أن ألتحق به وأكون به لصيقاً ؛ درساً وعملا ً على مدى خمس عشرة سنة ..
قرأته قبل أن أتعرّفه ، ولا أتذكر أني تخيّلت له صورة ، فكانت صورته في سلطان ( البعث ) خط أحمر ، وقرأته وأنا به لصيق ، وصرت أدين له بما غرسه في عقلي وقلبي وروعي ، وما زلت أقرأه نصاً ومنهجاً وطريقة ، من غير تحجّر أو انغلاق أو تعصب ،وسيبقى نافذة أطل منها على ماهو جديد وجدير ونافع ..
أن تعيش مع السيد فضل الله فأنت في طوارئ ، فهو يؤدي مهماته الدينية بلا ( زعل ) ولا مَنٍ أو تفضلٍ ، ودونما حساباتٍ شخصية ، صدوق مع نفسه وجمهوره ، يدفع ضريبة رؤاه باطمئنانٍ ، لأنه يعرف إنه يدين الله بها ، ولا يجامل في القضايا الكبرى والمصيرية ، وهو الكائن الأخلاقي بامتياز ؛ روح شفّافة ونفسٍ متعالية ؛ لا يماكس ولا يشاكس ..وصدر رحب ؛ خبير بالحياة والناس وتقلبات الحياة ..
وأجمل ما فيه إنه يجمع ما قلّما يجتمع في غيره ؛ يصنّف على ما يمكن تسميتهم بالتنويريين ، وهو على مسلك السلف الصالح في أدق التفاصيل ..