هو العلامة آية الله السيد محمد علي فضل الله الحسني العيناثي ( 1941- 2019 م ) المسكون بنفحات ربانية من زمن الأنبياء والأولياء الراحلين بصمت وجلال فكانت سيرته العملية تجسيداً حياً لكلمة الله العليا التي تستحث الخلائق على أن يلتزموا بها ويصونوها من العصبيات والأنانيات.
من عائلة عاملية علمية اتسمت بطابع العلم والأدب، بوجه خاص ما تركه والده المقدس آية الله السيد عبد الرؤوف فضل الله من أثر على شخصيته حيث كان ظل أبيه شارباً من معينه أدباً وفقهاً وأصولاً وتقوى إذ تتلمذ على يديه في جميع مراحل دراسته.
لين العريكة مع صرامة في الحق ذو فطنة لبقة وحذاقة غازلتا الكلم الطيب على بساط العفوية المستفزة لموائد أهل المعرفة، فلا غرو وأنت معه كأنك مع الأب الإنسان الذي تتفيأ فيه ظلال المسيح ومحمد، فلا رسميات ولا فواصل فتذوب رغماً عنك في روحه الجميلة، التي لا تعرف إلا السكون والوقار يفصحان عن دفء الكلمات وحلاوتها ودبلوماسية العبارة المؤدية للغرض.
حمل عبر مسيرته العلمية والجهادية الأمانة بصدق في مركز حي السلم في ضاحية بيروت إلى جامع بنت جبيل الكبير، أمانة الفقراء والمحرومين بكل وجوهها حيث كان إلى جانبهم ومعهم يشاركهم همومهم وآمالهم فلم يسكن في أبراج عاجية إذ هو يعرف تمام المعرفة أنّ العالم هو من يكون مع الناس وليس فوقهم وأن خدمتهم غاية العبادة.مطاعم بيروت
السيد الراحل من الذين خبروا الإيمان وعياً ومسؤولية وإخلاصاً وحولوه إلى سيرة وسلوك وعمل وموقف يرتقي بالناس نحو الأعلى نحو روح الله المحلّقة في فضاءات لا حد لها. احتضن المقاومين ورعاهم منذ انطلاقة المقاومة الأولى وقضى حياته الشريفة مبلغاً ومرشداً للأجيال بروحية رسالية دائبة وأصيلة.
باعتقادي إن الخسارة والغبن الحقيقيان يعني افتقاد هكذا نماذج في زمن قلّ فيه العلماء المتلبسون بالعلم، والعاملون ليس على شاكلة الأمر الوظيفي والمصلحي، والمتصفون حقيقة بالتقوى والورع كصفات متجذرة في وجدانهم وشخصياتهم وليست التي تحوي على شيء من تصنع مقيت.
إن سير علمائنا الأبرار الغنية والبهية التي خلفوها لنا هي حجة وشاهد حي على واقعنا كي ينهض من حالته المتشظّية ويعيد ولادة الشخصية الراقية والإنسانية الأصيلة التي تليق بالآدميين في حاضرهم ومستقبلهم.