شهر صفر: مواجهة ظاهرة النّحوسة بالوعي والإيمان
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}. صدق الله العظيم…
ذكريات صفر
يطلّ علينا غدًا شهر صفر، وهو الشّهر الثّاني من الأشهر القمريّة الّتي أشار إليها الله سبحانه وتعالى في الآية الّتي تلوناها، وهذا الشّهر يحتضن في داخله مناسبات عدّة، ففي هذا الشّهر، سنكون مع ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع)، وهو اليوم الّذي تفد فيه جموع الزّائرين القادمين من أصقاع العالم لزيارة مقام الإمام الحسين (ع) في كربلاء، للتعبير عن صدق وفائهم لهذا الإمام، للتّضحيات الّتي قام بها هو وأصحابه وأهل بيته، والتزامًا بالهدف الّذي لأجله كانت تلك التّضحيات، والّذي أشار إليه الإمام عندما قال: "إنّي لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمَّة جدّي رسول الله (ص)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر".
أمَّا المناسبة الثّانية، فهي ذكرى انتقال رسول الله (ص) إلى الرّفيق الأعلى، وهومن أرسله الله رحمة وهدى وبشرى، وذكرى وفاة سبطه الإمام الحسن (ع).
ظاهرة التشاؤم في صفر
لكن ما ينبغي التّوقّف عنده في هذه المناسبة، وتبيان الموقف منه، هو ما يشاع بين النّاس عن أنَّ شهر صفر هو من الأشهر الّتي تعرف بالنّحوسة والتّشاؤم... بحيث بات قدومه يؤدّي إلى الشّعور بالخوف عند كثير من النّاس من أن يصابوا بابتلاء أو فشل إن هم أقدموا على عمل، أو أقاموا علاقة فيه. ولذلك، نجد من يتورّع في هذا الشّهر عن الزّواج، أو شراء منزل، أو الانتقال إلى منزل جديد أو تأثيثه، أو إجراء عقود ومعاملات، لاعتقادهم أنّهم لن يوفّقوا إن قاموا بذلك، فيما الأحاديث الواردة عن رسول الله (ص) والأئمّة (ع)، نراها تنهى عن التّشاؤم، والّتي تعبّر عنهالأحاديث بالطّيرة. ففي الحديث عن رسول الله (ص): "ليس منّا من تَطيّر أو تُطيِّر له"، وقد اعتبره شركًا، ففي الحديث عنه (ص): "الطّيرة شرك"، كرّرها رسول الله (ص) ثلاثًا، وفي حديث آخر: "من ردَّته الطّيرة عن حاجته فقد أشرك".
وكان (ص) يأمر من رأى شيئًا يكرهه ويتطيّر منه أن لا يبني عليه أثرًا، وأن يقول:"اللّهمَّ لا يؤتي الخير إلّا أنت، ولا يدفع السّيئات إلّا أنت، ولا حول ولا قوّة إلّا بك". وفي هذا السّياق، دعا رسول الله (ص) إلى الفأل الحسن، وعندما سُئل: ما الفَأْلُ الحسن؟ قال: "الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُها أحَدُكُمْ فيُحسِنُ الظَّنَّ بربِّهِ، ويشرَحُ صَدرَهُ، ويريحُ فؤادَه"...
وفي ذلك التّأكيد على عدم التّشاؤم بالأيّام أو الأشهر أو الأعداد، أو عند رؤية طير معين أو حيوان، أو لسكب ملح وغير ذلك، ممّا لا مستند له في الدّين، ولا صحّة فيما ينسب إليه، فلا أثر لكلّ هذه الظّواهر في التّأثير في حياة الإنسان أو حركتهسلبًا أو إيجابًا، بل يرى الدّين أنّ كلّ ما يحصل في هذا الكون وفي حياة النّاس يعود إلى الله عزّ وجلّ، وهذا ما ورد في قوله: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ للهِ}.
نحس أم سوء خيارات؟!
وإذا كانت هناك من مشاكل وأزمات تجري في هذا الكون وفي الحياة، فهي تعود إلى سوء خيارات النّاس وتصرّفاتهم، كما أشار الله سبحانه: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}.
ومن هنا، جاء ردّ فعل الإمام الصّادق (ع) على من راح يحمّل الأيّام والسّاعاتواللّيالي ما حدث له، فقال (ع) له: "لا تسبّوا الجبال ولا السّاعات ولا الأيّام ولا اللّيالي..."، فهي ليست مسؤولةً عمَّا يحدث، (وهو ما نشهده فيمن يقول: الله يلعن هذه السَّاعة أو هذا الزّمن).
وهذا ما عبّر عنه الإمام الهادي (ع)، عندما جاء إليه أحد أصحابه يتذمّر ويقول: كفاني الله شرّك من يومٍ ما أشأمك! فقال له الإمام الهادي (ع): "ترمي بذنبك مَن لا ذنب له؟!"، فقلت: مولاي، أستغفر الله! فقال: "ما ذنبُ الأيّام حتّى صرتم تتشاءمون بها؟!". ثمّ قال (ع): "أما علمت أنَّ الله هو المثيب والمعاقب والمجازي بالأعمال، عاجلًا وآجلًا؟!"، وفي الحديث عن رسول الله (ص): "لا تعادوا الأيّام فتعاديكم".
النحوسة في القرآن
نعم، هناك من استدلَّ على وجود النّحوسة في الأيَّام في حديث في القرآن عن أيّامٍ نحساتٍ، كما في حديث الله عن العذاب الَّذي تعرَّض له قوم عاد: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ}، وقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}.
لكنَّ هذا الاستدلال لا يصمد أمام أيِّ نقد منهجيّ، فالقرآن الكريم لم يتحدَّث عن الأيّام هنا بما هي مساحات زمنيَّة لها تأثير في الأحداث، بحيث تنتج النَّحس أو تنتج السَّعد، بل لكونها كانت وعاءً وظرفًا للأحداث، ما يعني أنّها ليست نحوسة الأيّام أو اليوم، وإنّما أتت النّحوسة في الآيات الَّتي تلوناها من كون هذه الرّياح العاتية الّتي عذّب بها قوم عاد وقعت في تلك الأيّام.
هنا قد يستدلّ البعض على نحوسة شهر صفر والتّشاؤم منه لكونه الشّهر الّذي توفي فيه رسول الله (ص)، مع ما في ذلك من حزن، أو بسبب ما حدث فيه من وفيات عدد من أئمَّة أهل البيت (ع)، أو لذكرى أربعين الإمام الحسين (ع)، فإنّ ذلك لا يستدعي أن يكون الزّمن والشّهر نحسًا، فالنّحوسة لا تحصل للشّهر لموت نبيّ أو وليّ... فلو أجرينا هذا المبدأ، واعتبر كل يوم حصلت فيه وفاة أو استشهاد لنبي أو وصي أو عالم أو عزيز نحسًا، لكانت كل الأيّام نحسات، لأنّه ما من يوم إلا وشهد موتًا أو استشهادًا لنبيّ أو وليّ أو صديق.
ثمّ نحن لا نعتبر وفاة الأنبياء أو الأولياء أو شهادتهم نحسًا، بل إنّ ذلك يأتي استجابة لأمر الله تعالى، فالله تعالى يقول: {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}...
المعالجة بالدّعاء والتوكّل
هنا قد نطرح السّؤال: من أين جاءت هذه الفكرة، فكرة نحوسة شهر صفر؟ يقال إنّها جاءت من أيّام الجاهليّة، فالجاهليّون كانوا يعتقدون بذلك، ويرون أنّ شهر صفر شهر نحس، وهو سبب الشّرور والأحداث السّيئة، وهناك من يرى أنّ ذلك يعود لكون شهر صفر يأتي بعد ثلاثة أشهر من الأشهر الحرم الّتي كان يتوقّف فيها القتال، ما يعني عودة الحرب بكلّ ما تعنيه من مآس.
لكنّ الإسلام في الوقت نفسه كان واقعيًّا في تعامله مع الّذين يتشاءمون منه، فهو لم يتنكّر لتشاؤمهم، بل عمل على معالجته إن أصابهم، وذلك بدعوته إلى التوكّل على الله والالتجاء إليه والدّعاء له لمنع أيّ سوء، وإتيان الصّدقة الّتي تدفع البلاء وتردّالقضاء، هذا إلى جانب حرصه على نشر الوعي في مواجهة هذه العادة وكلّ العادات الّتي تربك عقل الإنسان وتشلّ إرادته وتشوّه مزاجه ونفسيّته تحت عنوان أنّها من الدّين، وعدم التّقليد الأعمى والأخذ بالموروث من الآباء والأجداد من دون التّدقيق فيه.
ومن هذا، يمكن لنا أن نفهم وجود العديد من الأدعية الواردة في هذا الشّهر، فهي لم ترد لتثبت فكرة النّحوسة أو الطّيرة أو التّشاؤم، بل لمعالجة من يتشاءمون في هذا الشّهر، حتّى لا يترك هذا التّشاؤم أثره على حياتهم أو على علاقتهم بالآخرين.
التفاؤل لا التشاؤم
أيُّها الأحبَّة، انطلاقًا من وعينا أن لا شؤم ولا تطيّر في هذا الشّهر، فلندخل إلى هذا الشّهر وغيره من الشّهور دخول المتفائلين، لا دخول الخائفين، فلا يؤثّر فيأعمالنا ومعاملاتنا وعلاقاتنا وسلوكنا، وأن نعي أنّنا ما دمنا في مملكة الله عزّ وجلّ وبرعايته، فلا يمكن أن ندع الخوف يتملّك بنا.. وأن ندعو: "اللَّهمَّ بارك لنا في أوقاتنا، وارزقنا حسن التوكّل عليك والثّقة بك".
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثَّانية
أوصيكم وأوصي نفسي بوصيّة رسول الله (ص)، عندما جاء إليه رجل وقال له: يا رسول الله أوصني، قال له النّبي (ص): "هل أنت مستوصٍ إذا أنا أوصيتك؟ قال بلى يا رسول الله، قال له: "أوصيك إذا أنت هممت بأمرٍ فتدبّر عاقبته، فإن يكُ رشدًا فأمضه، وإن يك غيًا فانتهِ عنه".
أيّها الأحبّة، إنّنا أحوج أن نأخذ بهذه الوصيّة؛ أن نأخذ بها قبل كل كلمة نطلقها، أو قرار أو موقف نتّخذه، سواءً ما يتعلّق بحياتنا أو بالآخرين... أن لا نقدم عليه إلّا بعد أن ندرس تبعاته وتداعياته وما قد يؤدّي إليه، إن على صعيد الدّنيا أو على صعيد الآخرة،فلا نقوم إلّا بما فيه الرّشد والخير والصلاح، ونبتعد عن كلّ الغي والضّلال والانحراف وما يسيء إلينا وللآخر. وبذلك نكون أكثر حكمةً ووعيًا ومسؤوليّةً وقدرةً على مواجهة التّحديات...
الخطر على لبنان!
والبداية من لبنان، حيث يستمرّ العدوّ الصّهيونيّ بممارساته العدوانيّة بحقّ هذا البلد، عبر التوغّلات الّتي يقوم بها في قرى حافّة الشّريط الحدوديّ، واستهداف أيّ مظهر من مظاهر الحياة فيها، لمنع الأهالي من العودة أو الاستقرار فيها، أو عبر الاغتيالات للمواطنين وهم في قراهم أو في أثناء تنقّلهم، أو المسيّرات التّجسسيّة الّتي تجول المناطق اللّبنانيّة، والّتي تصل إلى بيروت وضواحيها، أو في الغارات العنيفة الّتي شهدناها بالأمس، وطاولت عددًا من القرى في الجنوب والبقاع الغربيّ، والّتي يهدف العدوّ من خلالها إلى استمرار الضّغط على اللّبنانيّين، لدفعهم إلى التّسليم لمطالب يريدها من هذا البلد.
يحصل كلّ هذا رغم الالتزام التّامّ من قبل الدّولة اللّبنانيّة، ومن ورائها المقاومة، بقرار وقف إطلاق النّار، ووفائها بما التزمت به بموجب هذا القرار، من دون قيام الكيان الصّهيونيّ بالالتزام بما عليه.
في هذا الوقت، تأتي زيارة المبعوث الأميركيّ الّذي كانت دولته قد أخذت على عاتقها ضمان تنفيذ قرار وقف إطلاق النّار، فهو بدلًا من أن يلزم العدوّ بالوفاء بما التزمت به إدارته بتطبيق هذا القرار، عاد ليؤكّد على الدّولة اللّبنانيّة مطالب دولته الّتي تركّز أوّلًا على حفظ أمن الكيان الصّهيونيّ ومصالحه، من دون إظهار أيّ اهتمام بالمطالب اللّبنانيّة، متنصّلًا من تقديم أيّ ضمانة للدّولة اللّبنانيّة لتنفيذها، سواء بالضّغط على العدوّ لإيقاف عدوانه، أو للانسحاب من الأراضي الّتي احتلّها، وحتّى لو التزمت الحكومة اللّبنانيّة بكلّ الشّروط التّعجيزيّة الّتي تتّصل بأمن الكيان، وهو بذلك تعامل ويتعامل مع لبنان وكأنّه بلد مهزوم ليس أمامه إلّا الاستسلام لكلّ املاءات العدوّوشروطه، ما يبقي هذا البلد في دائرة اعتداءات العدوّ الصّهيونيّ الّتي لا يبدو أنّها ستتوقّف، والضّغوط الّتي تمارس عليه.
المواجهة بالموقف الموحَّد
إنّنا أمام ما جرى ويجري، نجدّد تأكيدنا أهميّة الموقف اللّبناني الرّسمي الموحّد الّذي يأخذ بعين الاعتبار سيادة هذا البلد وقوّته، ويراعي في الوقت نفسه حجم التّحديات والمخاطر الّتي تواجهه، وندعو مجدّدًا إلى التّمسّك به... والّذي يساهم استمراره والثّبات عليه والتفاف اللّبنانيين حوله، في تحقيق ما يصبو إليه اللّبنانيّون من أمن واستقرار وسيادتهم على أرضهم.
إنّ من المؤسف أنّنا ما زلنا نشهد أصواتًا في هذا البلد تتبنّى مطالب هذا العدوّ،من دون أن تتّخذ أيّ موقف تجاه انتهاكه لسيادته وأمنه واستقراره، ومن دون أن تتحسّب لأطماع هذا العدوّ في أرضه وثرواته.
ومن هنا، فإنّنا نجدّد دعوتنا اللّبنانيّين إلى أن يكونوا أكثر حرصًا في هذه المرحلة على وحدتهم وتماسكهم وثباتهم، واستنفار عناصر قوّتهم، ليواجهوا كلّ ما يخطّط ويرسم لبلدهم وللمنطقة من مشاريع، حيث لا يمكن أن يواجه ذلك بالتّرهّل والانقسام الّذي نشهده، بل قد يكون التّرهّل أو الانقسام هو البيئة المؤاتية لسيطرة العدوّ. وهنا ننوّه بكلّ الجهود الّتي تبذل لردم الهوّة بين اللّبنانييّن، وتفادي أيّ انقسام يحصل داخل هذا البلد بفعل الخلاف حول الخيارات اللّبنانيّة في مواجهة التّحديات، ونجدّد دعوتنا إلى الوقوف في وجه أيّ خطاب استفزازي يثير الفتنة الطّائفيّة والمذهبيّة أو السّياسيّة أو يؤجّجها.
خطوة للإصلاح
ونبقى في الدّاخل، لندعو الحكومة اللّبنانيّة الّتي جدّد المجلس النّيابي الثّقة بها، إلى القيام بمسؤوليّتها الّتي أخذتها على عاتقها تجاه اللّبنانيّين، إن على الصّعيد المعيشي والحياتي، أو على صعيد إعمار ما هدَّمه الكيان الصّهيونيّ، أو باستعادة المودعين لأموالهم وتعزيز لغة المحاسبة. وهناك الكثير ممّا على الدّولة القيام به، وهنا ننوّه بكلّالخطوات الّتي أخذت على هذا الصّعيد، والّتي جاءت أخيرًا من المجلس النّيابي برفع الحصانة عن وزراء سابقين، والّتي تسمح بمساءلتهم عمَّا جرى ارتكابه في المواقع الّتي كانوا يتولّونها.
إنّنا نرى في ذلك خطوة مهمّة على طريق الإصلاح، وننتظر أن تتواصل هذه الخطوات على مختلف الصّعد، على أن تكون بالجديّة المطلوبة، وأن لا يكون في ذلك أبناء ستّ وأبناء جارية والّتي إن حصلت، ستسمح بمعالجة ظاهرة الفساد، وتؤدّي إلى استعادة اللّبنانيّين لأموالهم الّتي أكلها الاختلاس والفساد وإساءة استخدام السّلطة، وتحقيق آمالهم ببناء دولة العدالة والقانون، دولة خالية من الفساد والهدر.
غزّة: إبادة ممنهجة
وأخيرًا، إنّنا نتطلّع إلى الأمّة كلّها، ليكون لها موقفها القويّ والحازم حيال ما يحصل في غزّة من تجويع أقرَّ المسؤولون في الأمم المتّحدة بأنّه لا سابقة له في هذا العصر، والمجازر الّتي لا يزال يرتكبها العدوّ، والتّدمير الممنهج لكلّ مظاهر الحياة فيها.
إنّنا نريد للدّول العربيّة والاسلاميّة أن تكون على مستوى المسؤوليّة العربيّة والإسلاميّة والإنسانيّة، بأن توحّد جهودها للضّغط على هذا العدوّ والدّاعمين له، لإيقاف نزيف الدّم والدّمار والجوع، ومنعه من الاستمرار في مشروعه الرّامي إلى تهجير أهالي غزّة أو إبادة أهلها، والّذي يستكمله في الضّفّة الغربيّة، ولا سيَّما بعد أخذه القرار بضمّها إلى كيانه، تمهيدًا لإنهاء القضيّة الفلسطينيّة، وهو ما يردّده رئيس وزراء العدوّ من أنّهم أمام فرصة لا تأتيهم إلّا كلّ مئة عام. فيما ندعو أحرار العالم وكلّ الدّول الّتي لا تزال تحترم حقوق الإنسان وتأخذه بالحسبان، إلى رفع الصّوت عاليًا،واتّخاذ مواقف حاسمة في مواجهة هذا الكيان، لإيقاف جريمة العصر هذه، وعدم الاكتفاء ببيانات بات العدوّ يدير ظهره إليها ولا يبالي بها.