اضاءات
11/09/2025

شخصيّة الرسول(ص) أُسوةٌ حَسَنَة

شخصيّة الرسول(ص) أُسوةٌ حَسَنَة

 

 

هاجر النبيّ(ص) إلى المدينة، وأسَّس الدّولة بحسب ما تتَّسع له الأوضاع في ذلك الوقت، وأكمل الله له دينه، وأتمّ عليه نعمته، ورضي له الإسلام ديناً. وانطلقت الخطوات في اتجاه تحويل الإسلام إلى كيانٍ يركّز الجانب السّياسيّ بحسب ما تتَّسع له السّياسة، إلى جانب الكيان الثقافي الّذي يمثّل القاعدة، والكيان الاقتصاديّ والأمنيّ وغيرهما.

 

وقال الله تعالى لنا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} . ضعوا رسول الله(ص) أمامكم، وحدّقوا به جيّداً.. ادرسوه في عناصر شخصيّته كلّها لتتمثّلوه، لأنَّ عناصر شخصيّته ليست عناصر الذّات في طبيعتها، ولكنّها عناصر الرّسالة الّتي استطاعت الذّات أن تحتويها لتكون هي الرّسالة.

 

وعندما نطلّ على عناصر شخصيَّة الرّسول(ص)، نجد قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}. وقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}. وقوله تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}. ونجد أنَّ قلبه كان يتقطّع حسراتٍ على الّذين لا يؤمنون، {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}.. فالرَّسول(ص) هو الإنسان في عمق العناصر الإنسانيَّة كلّها، فكيف نتمثَّل إنسانيّة الرَّسول(ص) في إنسانيَّتنا، ليكون الأسوة؟!

 

ونجد أنَّ النبيَّ(ص) فيما يريدنا الله تعالى أن نتأسَّى به، كان رجل الرِّسالة، وعلينا أن يكون كلّ واحد منَّا إنسان الرّسالة، فلقد جعل الله تعالى الإسلام أمانةً في أعناقنا. وفي ضوء ذلك، فهل نستوحي من رسول الله(ص) حركيّة الرّسالة التي تجعل الإنسان يفقد ذاته كلّها، ويتحمّل أقسى الآلام وأبشع الاتهامات، في سبيل تأصيل رسالته في الوجدان العامّ للنّاس، "إن لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أبالي"؟ فهل نملك أن نقولها بصدق، أو أننا ننسحب من السّاحة عندما يحاول البعض أن يرجمنا، أو يشير إلينا باتهام، أو يواجهنا بإضعاف بعض مصالحنا؟ ألسنا ـ أيها الأحبة ـ ننصح الرساليّين بأن لا يقولوا كلمة الحقّ، لئلا يعانوا كلام هجر هنا واضطهاداً هناك، أو تكفيراً هنا أو تضليلاً هناك؟ ألسنا نقول لبعض الرساليّين: لم تقول الحقّ؟ دعه حتى تحافظ على نفسك وشأنك وموقعك، إنَّ لك موقعاً كبيراً فحافظ عليه، ولا تقل ما لا يقبله النّاس، حتى لو كان النّاس لا يقبلون الحقّ، أليس هذا هو ما نسمعه من كثير من النّاس الّذين يتحركون في خطّ الرّسالة؟

 

العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير