11/04/2025

من الانتصار إلى الهزيمة: دروس معركة أحد

من الانتصار إلى الهزيمة: دروس معركة أحد

قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}. صدق الله العظيم.

في الخامس عشر من شهر شوّال من السّنة الثَّالثة للهجرة، سنكون مع ذكرى معركة أحد، هذه المعركة الَّتي أعدَّت لها قريش كلّ ما تستلزمه من عدَّة وعتاد، لتحقيق نصرٍ كانت تريده ثأرًا لهزيمتها في معركة بدر، ولتستعيد بذلك هيبتها الَّتي فقدتها في الجزيرة العربيَّة.

الاستعدادُ للمعركة

وصل خبر خروج قريش إلى رسول الله (ص)، فجمع أصحابه ليخبرهم بما ستقدم عليه قريش، وللتَّشاور معهم، وهذا كان دأب رسول الله (ص)، فقد كان يشاور أصحابه في أيّ قرار يريد أن يتَّخذه، احترامًا لآرائهم، والتزامًا بقول الله له: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ}. وكان القرار بأن يكون القتال خارج المدينة، ولم يؤخذ بالرأي الدّاعي إلى أن يكون القتال من داخل المدينة. عندها، سار جيش المسلمين لملاقاة جيش قريش في معركة غير متكافئة من ناحية العدد والعدّة، حيث كان جيش المشركين يقدَّر بأربعة آلاف فارس، فيما لم يتجاوز عدد المسلمين السّبعمائة فارس.

وقد اعتمد رسول الله (ص) في هذه المواجهة تموضعًا يحمي جيشه من التفاف قريش عليه، ويمنع دخولها إلى المدينة. ولأجل ذلك، وضع على مرتفع جبل اسمه “جبل عينين”، والّذي كان يطلّ على ساحة المعركة وعلى المدينة، خمسين من الرّماة، وأمَّر عليهم عبد الله بن جبير، وقال لهم: “انضحوا الخيلَ عنّا، ولا نؤتينّ من قبلكم، والزموا مكانكم لا تغادروها، فإن رأيتمونا نُقتَل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا نغنم فلا تشركونا”.

بدأت المعركة، ولم يمضِ وقت طويل، حتّى انهزمت قريش وتركت أسلحتها، وولّت هاربة، مخلّفة وراءها غنائم كثيرة.

سبب هزيمة المسلمين

في هذه اللّحظة، اقترف أربعون من الرّماة الخمسين خطأً قلبَ موازين المعركة، عندما قرّروا أن يغادروا الثَّغرة للحصول على الغنائم، رغم توجيهات رسول الله (ص) لهم، وتحذير قائدهم من ترك مواقعهم.

هنا، استغلَّ خالد بن الوليد الأمرَ، وكان آنذاك قائدًا في جيش المشركين، فحمل بمن معه من الرّجال على تلك الثَّغرة، وقتل القلّة الباقية المرابطة عليها، وباغت جيش المسلمين من خلفهم، فتفرّقت جموعهم، ما أدَّى إلى استشهاد وجرح عدد كبير منهم، وكان أبرز الشّهداء الحمزة عمّ رسول الله، ومصعب بن عمير، سفير رسول الله (ص) إلى المدينة، فيما فرّ أكثر المقاتلين إلى الجبال المحيطة بأرض المعركة والصّحراء، تاركين رسول الله (ص) الَّذي أصيب أثناء المعركة، ولا سيَّما بعدما خرج صوت من قريش يقول إنَّ محمّدًا قد قتل، ولم يثبت مع رسول الله إلّا قلّة من المسلمين ظلَّت تقاتل وتذبّ عنه، ما حال بين قريش وبين أن تحقّق هدفها بقتل رسول الله (ص).

وكان على رأس هؤلاء، الإمام عليّ (ع)، الَّذي تذكر الروايات أنّ سيفه كُسِرَ لشدّة ما قاتل استبسالاً في المعركة، ودفاعاً عن رسول الله (ص). فجاء إلى النَّبيّ (ص)، فقال له إنّ الرَّجل يقاتل بسلاحه، وقد انكسرَ سيفي، فأعطاه رسول الله (ص) سيفه ذا الفقار، ليتابع به الدّفاع عن رسول الله (ص) وعن الإسلام.

آياتٌ في المعركة

لقد شكّلت معركة أحد هزيمةً نفسيّةً لكثير من المسلمين، وكادت تودي بكلّ الإنجازات التي كانت قد حصلت. لذا أنزل الله عزَّ وجلّ َالآيات القرآنية، والّتي تجاوزت الستّين آيةً، لتثبّت المسلمين، ولتعيد إليهم الروح التي تأثَّرت بفعل أعداد الشّهداء والجرحى.

ونورد اليوم بعضًا منها لتبقى في الذَّاكرة دائمًا، ونستلهم منها معاني الثّبات والقوَّة الَّتي تسندنا في مواجهة أيّ إحباطات أو تهويلات إعلاميّة وهزائم نفسيّة يسعى إليها من لا يريدون خيراً بنا.

فمن هذه الآيات الكريمة: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}. فلا يأس ولا إحباط ولا قنوط في قاموس المؤمنين، إن هم عاشوا الإيمان واستحضروه في الظّروف الصّعبة، مهما تعرَّضوا لانتكاسات أو إخفاقات.

وفي آية أخرى، يدعو الله عزّ وجلّ المسلمين إلى أن لا يكتفوا بالنَّظر إلى ما أصابهم، بل النّظر إلى ما أصاب أعداءهم أيضًا، لتتوازن نظرتهم، وليحافظوا على رباطة جأشهم، وليعوا أنَّ الأيَّام دول؛ يوم لهم ويوم عليهم، وأنّه بمعالجة أسباب ما حصل، يمكن تحقيق النّصر مجدّدًا، وهو ما ورد في الآية الكريمة: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}.

وبعد ذلك، أشارت الآية إلى أنَّ الجنة الّتي يسعون إليها، لا تنال إلّا بالصَّبر والثبات في مواقع التّحدّي: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.

ولفتت آيات أخرى المسلمين إلى أن لا يستغرقوا في الحزن على فقد أعزَّائهم ممن يستشهدون في سبيل الله، بل أن يغبطوهم على ما ينالونه من الله، وعلى التَّكريم الذي سيحظون به: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

الارتباط بالرّسالة

ثمَّ أشارت الآية إلى أولئك الَّذين انهزموا وفرّوا من أرض المعركة، عندما سمعوا أنَّ رسول الله (ص) قد قتل، فدعت إلى أن يكون ارتباطهم بالرّسالة لا بشخص رسول الله (ص)، بحيث لا ينفكّ هذا الارتباط إن هو قتل أو غادر الحياة: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}، وبأن يكون حال المؤمن كحال ذلك الصَّحابي الَّذي عندما سمع أنّ رسول الله (ص) قتل، قال: إن كان رسول الله قد قتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله، ثمَّ مضى إلى أرض المعركة.

لقد جاءت هذه الآيات وغيرها لتبلسم جراح المسلمين، وقد أفاض عليها رسول الله من أخلاقه الكريمة، فهو بعد المعركة، لم يعنِّفهم على تقصير، بل احتضنهم برحمته، حتَّى نزلت الآية: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.

معالجة نقاط الضّعف

ولم تقف الآيات عند ذلك، بل أشارت إلى نقاط الضّعف في صفوف المسلمين حتَّى يعالجوها، وهذا ما كان. وهو ما أشارت إليه الآيات الَّتي أعادت ما حدث من هزيمة إلى أسباب، منها حبّهم للدّنيا، وعدم ثباتهم في المعركة، وعصيان الرّسول، قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ}.

استخلاصُ العبر

أيُّها الأحبَّة: لقد تركت هذه التَّوجيهات الإلهيَّة، والدَّور الذي قام به رسول الله (ص)، أثراً كبيرا في نفوس المسلمين، الأمر الّذي أدّى إلى أن تتحوَّل معركة أحد إلى محطّة أساسيَّة لتحقيق إنجازات وانتصارات تجلَّت انتشاراً للإسلام في كامل الجزيرة العربيَّة والعالم.

ونحن اليوم مدعوّون، وأمام كلّ الواقع الّذي نعيشه، إلى أن نستخلص العبر، وأن نسأل الله بصفاء قلوبنا أن يخلّصنا من حبّ الدّنيا، لنقول: اللَّهمّ انزع حبّ الدّنيا من قلوبنا، وليكون لسان حالنا: إن لم يكن بك غضب علينا، لا نبالي إن وقعنا على الموت أو وقع الموت علينا، ما دام ذلك في سبيل الله وعزَّة لأمَّتنا، وأن نكون ممن يستحقّ وعده لعباده بالنَّصر والتّأييد، إنَّه أرحم الراحمين.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الثّانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به أمير المؤمنين (ع) أصحابه، عندما قال: “اعلموا عباد الله، أنَّ الله لم يخلقكم عبثًا – {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} – ولم يرسلكم هملًا، علم مبلغ نعمه عليكم، وأحصى إحسانه إليكم – فقال: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} – فاستفتحوه واستنجحوه، واطلبوا إليه واستمنحوه، فما قطعكم عنه حجاب، ولا أغلق عنكم دونه باب. وإنَّه لبكلّ مكان، وفى كلّ حين وأوان، ومع كلّ إنس وجان، لا يثلمه العطاء، ولا ينقصه الحباء، ولا يلويه شخص عن شخص، ولا يلهيه صوت عن صوت”.

هذا هو الله في رحمته، وفي عطائه وإحسانه، فهو خير سند وخير ظهر، وبالاستناد إليه، نستطيع أن نواجه التحديّات مهما بلغت.

مواصلة العدوان على لبنان

والبداية من العدوان الإسرائيلي المستمرّ على لبنان، والّذي رغم مرور نحو أربعة أشهر على اتفاق وقف إطلاق النّار، لا زلنا نشهد عمليّات الاغتيالات والغارات الجوّيّة الَّتي تستهدف مناطق البقاع والجنوب وتهديده الضَّاحية، ومنعه الأهالي من العودة إلى قراهم المدمَّرة في الشَّريط الحدوديّ، وهو يستهدف حتَّى الغرف الجاهزة في البلدات التي وجدت لتكون مأوى يلجأ إليه من تهدّمت بيوتهم، كما هيئات الإغاثة والبلديات التي تتولى رعاية الأهالي المتواجدين في القرى الحدوديّة.

في الوقت الّذي تفي الدولة اللبنانيّة، ومعها المقاومة، بكلّ الالتزامات التي أخذتها على عاتقها بموجب الاتّفاق مع هذا العدوّ، وحتّى عدم الرّد على اعتداءاته، تاركة عهدة ذلك على اللجنة المكلّفة بوقف إطلاق النار، والدول الضامنة الّذين عليهم القيام بمسؤولياتهم، والالتزام بتعهداتهم تجاه الدولة اللبنانية، بمنع الكيان الصهيوني من الاستمرار بخروقاته، وإزالة احتلاله، وهم قادرون على القيام بذلك إن أرادوا، ولكن، مع الأسف، لا نشهد أيّ ردّ فعل على ما يقوم به العدوّ، حتى بتنا لا نرى مجرّد إدانة له، فيما نشهد مزيدًا من الضّغط على الدولة اللبنانيّة لنزع سلاح المقاومة، والذي جاء التعبير عنه من قبل نائبة المبعوث الأميركي المكلّف بالإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار، التي زارت لبنان مؤخّرًا، وتأكيد المقاومة بأنها تقف وراء الدولة اللبنانيّة، وتراها هي المعنيَّة بهذا الأمر، رغم أنَّ الاعتداءات استهدفت وتستهدف كوادرها والبيئة الحاضنة لها.

إنّنا أمام ما يجري، لا بدَّ أن ننوّه بالموقف الرسمي الموحَّد الَّذي تبلَّغته نائبة المبعوث الأميركي، والمتمسّك بأنّ البحث بسلاح المقاومة يكون ويحصل بعد إيقاف العدوّ لاعتداءاته، وانسحابه من الأراضي اللبنانيّة، وضمان عدم المسّ بسيادته، واستعادة أسراه.

ونحن هنا ندعو كلَّ القوى السياسيّة وكلّ اللّبنانيّين إلى مساندة هذا الموقف لتعزيزه، والكفّ عن أيّ تصريحات تسهم في إضعاف هذا الموقف بما يخدم أهداف العدوّ، وأن تتوحّد جهودهم وتتضافر، ليستعيد هذا البلد سيادته على أرضه، ولمنع العدوّ من تحقيق أيّ مكتسبات أمنية وسياسية يريد الحصول عليها في هذه المرحلة.

إنّا نناشد الجميع في هذا البلد، أن تنبع قراراتهم ومواقفهم من باب المصلحة الوطنيّة، وبعيدًا من المصالح الفئويّة الَّتي – مع الأسف – تستحضر حتّى في القضايا المصيريّة، وأن لا تكون هذه المواقف صدى لرهانات خارجيَّة، وأن يكون الهمّ واحدًا، وهو إيقاف العدوان، وعدم الرّضوخ لمطالب الخارج.

إنّنا نعي حجم الضّغوط التي تمارس على هذا البلد، ولا نريد أن نهوّن منها، لكن ذلك لا ينبغي أن يجرّد البلد من موقع من مواقع القوّة الّتي يخشاها العدوّ، ليدعو البعض إلى نزع السّلاح، من دون أن يكون هناك أيّ ضمانات لهذا البلد بأنّه سيكون آمنًا من هذا العدوّ، ولن يستباح كما يستباح اليوم عندما يفقد القدرة على مواجهة أيّ عدوان، ولن يكون عرضة لما يهدّد أمنه وسيادته واستقراره، بل إنّنا نجد اليوم ما يعزّز هذه المخاوف ممّا نراه من تهديدات العدوّ وممارساته وتحرّكاته.

الإصلاح الاقتصاديّ

ونبقى على صعيد الدّاخل، لنؤكّد أهمية أيّ عمل إصلاحيّ يؤمّن للبلد الخروج من أزماته الاقتصاديّة والماليّة واستعادة عافيته، ولا سيَّما لجهة سدّ كلّ الثّغر التي نفذ منها من نهبوا الخزينة اللبنانية وودائع اللبنانيين، وأوصلوا البلد إلى الانهيار.

وفي ظلّ سعي المصارف لاستعادة دورها وعافيتها والثّقة بها، لا بدَّ من التَّشديد على أنّ أوّل مدخل لاستعادة هذه الثّقة، يبدأ بإعادة المصارف أموال المودعين الّذين ائتمنوها على أرزاقهم، وإن لم تفعل، فإنَّ أحدًا من اللبنانيين لن يفكّر أبدًا في إيداع أمواله في مصارف أكّدت بالفعل أنَّها لا تؤتمن على أموال، ولا تستحقّ أن يكون لها دور في الحياة الاقتصاديّة للبنان.

مخطَّط تهجير الفلسطينيّين

ونصل إلى غزّة الّتي يواصل العدوّ حرب الإبادة عليها، باستهدافه كلَّ معالم الحياة فيها من حجر وبشر، في الوقت الّذي يستمرّ حصاره المطبق عليها، والذي وصل إلى حدّ التّجويع والتعطيش، وهو ما يستكمل في الضّفّة الغربيَّة ومخيّماتها، وقد أصبح من الواضح أنّه يهدف من وراء ذلك إلى تهجير أهلها وإنهاء القضيّة الفلسطينيّة، ما يستدعي موقفًا عربيًّا وإسلاميًّا ومن أحرار العالم، لا يكتفي بالبيانات، بل يسهم فعليًّا في دعم أهل القطاع، والوقوف معهم، والتّصدّي للمشروع الصّهيوني.

ذكرى الحرب الأهليّة

وأخيراً، تمرّ علينا في الثَّالث عشر من شهر نيسان، ذكرى الحرب المشؤومة الَّتي وقعت على الّلبنانيّين، والتي لا زلنا نعاني تداعياتها إلى الآن.

إنّنا لا نريد من استعادة هذه الذكرى أن ننكأ الجراح ونعيد التذكير بما حصل، بل نريد من ذلك أن نعي الأسباب التي أدَّت إلى ما حصل، حتى لا نكرر أخطاء الماضي، والتي جعلت هذا البلد مستباحًا ممن أراد زرع الفتنة بين مكوّناته، لمكاسب أرادوها من وراء ذلك لحسابهم وعلى حساب النّاس.

ومن هنا، فإننا ندعو إلى تعزيز لغة الحوار، ومدّ جسور التّواصل، ونبذ الخطاب الإلغائي والإقصائي، والوعي للمخطّطات التي تريد لهذا الوطن أن يكون ساحة لا وطنًا أو دولة نريدها دولة المواطنة والعدالة، بما يزيل الهواجس والمخاوف بين اللّبنانيّين، ويعزّز الوحدة الوطنيّة.

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير