10/08/2025

في ذكرى الأربعين: حبُّ الله سرُّ ثورةِ الحسين (ع) وروحِها الخالدة

في ذكرى الأربعين: حبُّ الله سرُّ ثورةِ الحسين (ع) وروحِها الخالدة

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين وجاء في خطبتيه

 
 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} صدق الله العظيم.

زيارة الأربعين

سنكون في العشرين من شهر صفر، مع ذكرى أربعين استشهاد الإمام الحسين (ع)، هذه الذّكرى الّتي ارتبطت بوفود ملايين البشر من كلِّ بقاع الأرض، لزيارة ضريحه الشَّريف في كربلاء.

هذه الزّيارة تمثِّل تعبيرًا عمليًّا عن الوفاء لهذا الإمام (ع) الَّذي بذل أغلى التّضحيات من نفسه وأهل بيته وأصحابه وسبي نسائه، من أجل أن يحفظ الإسلام، وأن يبقيه نقيًّا صافيًا، بعدما امتدَّت إليه أيادي التّحريف، وكادت تودي بحضوره المشرق على كلّ الصّعد.

وهي مناسبة لنجدّد العهد بالتزامنا الأهداف الَّتي لأجلها كانت ثورته، والّتي عبَّر عنها عندما قال (ع): “وإنّي لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمَّة جدّي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”، وعندما قال: “من رأى منكم سلطانًا جائرًا، مستحلًّا لحُرَم الله، ناكثًا لعهد الله، مخالفًا لسنَّة رسول الله(ص)، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بقول ولا فعل، كان حقًّا على الله أن يُدخله مدْخَله”، ولنؤكّد له أنَّ الدّماء الّتي سالت في كربلاء، لا تزال تعطي ثمارها الإيجابيّة فينا، إحساسًا بالعزّة والكرامة والحريّة، وأنّه مهما كانت الصّعوبات والتّحدّيات، فلن نعطي إعطاء الذَّليل، ولن نقرّ إقرار العبيد، إنّما نرى الموت سعادة، عندما يكون لأجل إرساء الحقّ والعدل والقيم في الحياة.

الحبُّ لله

ونحن اليوم، وفي إطار هذه الذّكرى، سنتوقَّف عند قيمة روحيّة وأخلاقيّة عظيمة تميّزت بها شخصيَّة الإمام الحسين (ع)، والّتي كانت هي المحرّك لكلّ مواقفه، وكانت تعبيرًا عنها، وهي حبّه لله، فقد عاش الحسين (ع) أسمى معاني الحبّ لله، عبّرت عن ذلك فقرات دعائه في يوم عرفة؛ هذا الدّعاء الّذي يتردَّد على ألسنة الحجّاج، والّذي يفيض حبًّا لله، وشكرًا له، وتقديرًا لنعمه. ومن فقرات هذا الدّعاء:

“إلهي! أنت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها، وتضيق بي الأرض برحبها، ولولا رحمتك لكنت من الهالكين، وأنت مقيل عثرتي، ولولا سترك إيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحينَ، وأنت مُؤَيِّدي بِالنَّصْرِ عَلى أعْدائي، وَلَوْلا نَصْرُكَ إيّايَ لكنت من المغلوبين، يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بالسّموّ وَالرِّفْعَةِ، فأولياؤه بِعِزِّهِ يَتَعَزَّزُونَ”…

وفي فقرة أخرى له من هذا الدّعاء يقول: “يا مَن قَلَّ لهُ شُكري فَلَم يَحرِمني، وَعَظُمَت خَطِيئتي فَلَم يَفضَحني، وَرآني على المَعاصِي فَلَم يَشهَرنِي، يا من حفظني في صغري، يا من رزقني في كبري، يا من أياديه عندي لا تحصى، ونعمه لا تجازى، يا من عارضني بالخير والإحسان، وعارضته بالإساءة والعصيان، يا من هداني للإيمان من قبل أن أعرف شكر الامتنان…”.

وفي فقرة أخرى يقول: “إلهي! حاولت واجتهدت مدى الأعصار والأحقاب لو عمرتها، أن أؤدّي شكر واحدة من أنعمك، ما استطعت ذلك إلّا بمنِّك الموجب عليَّ به شكرك أبدًا جديدًا”.

وقد تجلّى هذا الحبّ له بأسمى معانيه، عندما ذُبح ولده الرّضيع بين يديه، ولم يبك، ولم يشتك أو يجزع، بل اكتفى بأن توجَّه إلى الله عزَّ وجلَّ قائلًا: “هوّنَ ما نزل بي أنَّه بعين الله…”، كان يكفيه أن يراه الله وهو يعاني من أجله وفي سبيله.

إيمانٌ وثبات

وقد بدا هذا الحبّ جليًّا في ليلة العاشر من المحرَّم، عندما جاء إليه أخوه العبَّاس قائلًا له: إنَّ القوم يستعدّون للقتال، يريدون البدء بالحرب علينا، فقال له: “ارجع إليهم واستمهلهم هذه العشيّة إلى غد، لعلَّنا نصلِّي لربّنا اللَّيلة، وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي أحبُّ الصَّلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدّعاء والاستغفار”.

وتذكر السّيرة أنَّ الحسين (ع) وأصحابه باتوا ليلة العاشر ولهم دويّ كدويّ النَّحل، ما بين راكعٍ وساجدٍ وقائمٍ وقاعد.

وقد روي عن الإمام زين العابدين (ع): “أنّه في اللّيلة الَّتي قُتل أبي في غدها، قام اللّيل كلَّه يصلّي، ويستغفر الله ويدعو ويتضرَّع”.

وفي يوم العاشر، وفي أصعب الأوقات وأحلك الظّروف، حرص على أن لا يفوته اللّقاء بربّه، ومناجاته والحديث معه، لم يمنعه من ذلك رمي النّبال والرّماح، والّذي حصل عندما جاء إليه من يقول له: “يا أبا عبد الله! نفسي لك الفداء، إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، لا والله لا تقتل حتّى أقتل دونك إن شاء الله، وأحبّ أن ألقى ربّي وقد صلّيت هذه الصّلاة الّتي قد دنا وقتها”، فرفع الحسين (ع) رأسه ثمَّ قال: ذكرت الصّلاة، جعلك الله من المصلّين الذّاكرين، نعم هذا أوّل وقتها”، ثمّ قال (ع): “سلوهم أن يكفّوا عنّا حتّى نصلّي”. وصلّى الحسين (ع) جماعةً بأصحابه، رغم السِّهام الَّتي كانت توجَّه إليه. يومها، وقف أحد أصحابه أمامه يحميه بجسده، حتّى نخرت السِّهام جسده، وسقط شهيدًا بعد انتهاء الحسين من صلاته.

هذا هو الحسين (ع) في أبرز معالم شخصيَّته، هذا الحبّ هو الَّذي جعله يبذل كلَّ شيء ويضحِّي بكلِّ شيء في كربلاء لأجله، والَّذي عبّر عنه لسان حاله:

إلهي تركتُ الخلقَ طُرًّا في هواك            وأيتمتُ العيالَ لكي أراك

فلو قطَّعتَــني بالحـبّ إربًا                     لَـما مال الفؤادُ إلى سواك

التزوّد من معين الحسين (ع)

إنّنا أحوج ما نكون إلى هذا الزّاد الرّوحيّ، أن نعزّز حبّ الله في قلوبنا، ونعكسه على حياتنا، وهذا يحصل عندما نستحضر عطاءه وفضله ورحمته وحبّه لعباده، وحرصه عليهم، وعدم نسيانه لهم، هذا الحبّ إن عشناه، فسيؤدّي بنا إلى أن يكون رضاه فوق كلِّ رضا، وأمره فوق كلِّ أمر، وطاعته فوق كلّ طاعة، ونحن بذلك نطمئنّ أيضًا على أنفسنا وواقعنا.

إنَّ هذه العلاقة بالله، أيُّها الأحبَّة، هي صمَّام أماننا وحصننا الّذي نتحصَّن به، وهي سندنا الّذي نركن إليه، وقوّتنا الّتي تحفّزنا على الثّبات، فنحن مع الله لن نخسر، نحن رابحون دائمًا، نربح في الدّنيا، ونربح الرّبح الوفير في الآخرة؛ نربح في الدّنيا قلوب النَّاس ومحبّتهم واحترامهم، ونربّح عزّة وحريّة، كما نربح في الآخرة الجزاء الأوفى عند الله وفي ظلال رضوانه. وهنا نورد الحديث: “من أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين النّاس، ومن أصلح أمر آخرته، أصلح الله أمر دنياه”.

وخير مثال على ذلك، ما نشهده اليوم على صعيد كربلاء من وفود الزَّائرين للحسين (ع)، ومن لم ينقطعوا عن زيارته منذ استشهاده، رغم الظّروف الصَّعبة.

هذه سنَّة الله في الحياة، عبَّر عنها الله عندما قال: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}.

نسأل الله أن نكون من الموالين للحسين (ع)، ولكلِّ هذه العترة الطَّاهرة، وأن يوفِّقنا لزيارته والنّهل من معينه العذب…

والحمد لله ربِّ العالمين.

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الخطبة الثَّانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي باستحضار هذه الآية الّتي بيّنت لنا أن شرطًا حدّده الله سبحانه وتعالى لبلوغ الجنّة، حين قال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}، والّتي أشارت إلى أنّ من يريد أن يصل إلى الجنَّة، لا بدّ أن يمرّ بامتحانات يظهر من خلالها ثباته على الطّريق الَّتي رسمها الله له، مهما عصفت به التّحديات والشّدائد والصّعوبات.

فالجنّة لن تكون معبّدة بالورود والرّياحين، بل إنّ دون الوصول إليها أشواك وعوائق، وهذا ما أشار إليه الحديث: “من سأل الله الجنّة ولم يصبر على الشّدائد، فقد استهزأ بنفسه”، وهذا ما قاله أمير المؤمنين (ع) لأولئك الّذين كانوا يعتقدون أنّه بقليل من العمل يصلون إلى الجنّة: “أفبهذا تريدون أن تجاوروا الله في دار قدسه، وتكونوا أعزّ أوليائه عنده؟ هيهات! لا يخدع الله عن جنّته، ولا تنال مرضاته إلّا بطاعته”.

لذلك، أيّها الأحبّة، علينا أن نعدَّ أنفسنا لأن نصبر ونثبت على إيماننا ومبادئنا ومواقفنا العزيزة مهما اشتدَّت علينا الأزمات، وعصفت بنا التّحدّيات، فبذلك نبلغ الجنّة، وبذلك يتحقّق وعد الله بالنَّصر، وسنكون أكثر قدرة على مواجهة التّحديات.

العدوُّ يستبيحُ البلد

والبداية من هذا البلد الّذي لا يزال العدوّ يحتلّ أرضه، ويعتدي على شعبه ومقدّراته، ويتوغّل في أرضه برًّا، ويخترق سماءه جوًّا، ويشنّ الغارات على البلدات الآهلة، كما شهدنا أخيرًا في الغارات العنيفة الّتي استهدفت عددًا من المناطق الجنوبيَّة، وفي عمليّات الاغتيال الّتي طاولت مواطنين لبنانيّين، ووصلت إلى الأطفال، باستشهاد الطّفل الموهوب عبّاس مرعي عوالي، بطل العالم في الحساب الذّهنيّ، أمام منزله وجرح والده.

يجري كلّ ذلك من دون أن نسمع أيّ إدانة تبرّد قلوب كلّ من يعانون آثار هذا العدوان، وتبلسم شيئًا من جراحهم، إن من الدّاخل اللّبناني، أو ممّن هم معنيّون بضمان وقف إطلاق النّار، أو الإشراف عليه من الدّول الّتي تبدي حرصها على لبنان، كأنَّ الّذي يجري لا يمسّ أمن هذا الوطن ولا سيادته ولا حياة أبنائه ولا مقدّراته.

الحكومةُ تستجيبُ للضّغوط

في ظلّ هذا المشهد، لا يزال لبنان تحت وطأة الضّغوط الّتي تمارس عليه، والّتي جاء التّعبير عنها من خلال الرّد الأميركيّ الأخير الَّذي رفض الورقة اللّبنانيّة، والّذي جعل بند نزع سلاح المقاومة شرطًا ومدخلًا لأيّ مطالب لبنانيّة، وهو في ذلك يتعامل مع لبنان كأنّه لا يطبّق ما عليه، ومن دون أن يأخذ في الاعتبار مطالبه المحقّة الّتي جاءت في الورقة اللّبنانيّة، وفيها أن يوقف العدوّ الصّهيونيّ اعتداءاته أوّلًا، ليتمّ الحوار بعد ذلك حول كلّ القضايا، للوصول إلى الحلول الّتي تأخذ في الاعتبار أمن لبنان وسلامة أرضه وبناء دولته القويَّة، وقد أرفق هذا الرّد الأميركيّ بمزيد من الضّغوط الأمنيَّة والسّياسيَّة، والتّهديد بمنع الإعمار أو أيّ حلّ لأزمته الاقتصاديّة، إن هو لم ينفّذ ما يراد منه. ومع الأسف، لقيت هذه المطالب صداها لدى عدد من الجهات السّياسيّة والإعلاميّة، حتّى إنّها شاركت في عمليّة التّهويل هذه والضّغط على الدّولة وعلى اللّبنانيّين.

قرار يفرّط بقوّة البلد

في ظلّ هذا الواقع، ورغم كلّ الّذي جرى ويجري، جاء قرار مجلس الوزراء بإقراره بند حصريّة السّلاح بيد الدّولة، وسحب أيّ سلاح، بما فيه سلاح المقاومة من الأراضي اللّبنانيَّة، وإناطته تنفيذ هذا القرار للجيش اللّبناني، ضمن المهلة الّتي حدَّدها، وقد جاء هذا القرار رغم الاعتراض الّذي حصل داخل مجلس الوزراء، وأدّى إلى انسحاب بعض الوزراء، أو الّذي من خارجه، ممّن كانوا يريدون أن يأتي هذا القرار بعد ضمان إيقاف العدوّ لاعتداءاته وانسحابه من الأرض، وفي إطار استراتيجيّة دفاعيّة يتوافق عليها اللّبنانيّون تضمن حماية لبنان من هذه الاعتداءات الّتي تحصل عليه.

إنّنا أمام ما جرى، لن نغفل حجم الضّغوط الّتي مورست على الحكومة اللّبنانيّة، لكنّنا كنّا نريد لها قبل أن تأخذ هذا القرار، أن تجيب عن كلّ الأسئلة المطروحة عليها كحكومة هي معنيّة بأمن كلّ اللّبنانيّين وبمقدّراتهم، حول الضّمانة الّتي يمتلكونها لإرغام هذا العدوّ على إيقاف اعتداءاته وانسحابه من المواقع الّتي يحتلّها، واستعادة الأسرى اللّبنانيّين، وأنّه بغياب هذه الضّمانة، لا ينبغي أن يفرّط لبنان بأيّ موقع من مواقع القوَّة الّتي يمتلكها…

والّذي يأتي في وقت يتحدَّث وزير ماليّة العدوّ، وبلسان واضح وجليّ، أنّ كيانه ليس بوارد الانسحاب من النّقاط الخمس الّتي يحتلّها ومغادرة الأراضي اللّبنانيّة. والسّؤال الآخر الّذي كنّا نريد للحكومة اللّبنانيّة أن تجيب عنه قبل هذا القرار، هو عن الكيفيّة الّتي سيتمّ بها تطبيق هذا القرار إن هو نفّذ، لأنّنا نخشى أن يؤدّي ذلك إلى صدام داخلي يدفع لبنان إلى الفوضى، وإن كنّا على ثقة بأنّ الصّدام لن يحصل، بعد امتزاج دماء الجيش اللّبناني والمقاومة في الدّفاع عن لبنان في مواجهة العدوّ الصّهيونيّ أو الإرهاب.

ومن هنا، فإنّنا ندعو الحكومة اللّبنانيّة في جلساتها، إلى تصويب هذا القرار، بحيث تأخذ في الاعتبار هواجس اللّبنانيّين، ولا سيما الّذين يعانون احتلال هذا العدوّ، وأن تقدّم الأجوبة الحاسمة لهم.

التَّحذير من الفتنة

أمّا على الصّعيد الدّاخلي، فإنّنا نحذّر من الفتنة الّتي نخشى أن تطلّ برأسها على اللّبنانيّين، بفعل الانقسام الّذي شهدناه بعد قرار الحكومة اللّبنانيَّة، والّذي ينعكس على الخطاب السّياسيّ والدّينيّ والشّعبيّ، بما يخشى من تداعياته على غير صعيد.

ومن هنا، فإنّنا نجدّد دعوتنا إلى الخطاب العقلانيّ الواعي، والابتعاد عن الخطاب المستفزّ الّذي يستثير الغرائز الطّائفيّة والمذهبيّة والسّياسيّة، في مرحلة هي من أصعب المراحل على صعيد هذا الوطن، والّتي لن يسلم فيها الضّعفاء الّذين يتفرّقون شيعًا وطوائف ومذاهب ومواقع سياسيّة متناحرة.

قرار اجتياح غزّة!

وأخيرًا، إنّنا نرى خطورة القرار الّذي صدر عن حكومة العدوّ باجتياح غزَّة واحتلالها، والّذي من الواضح أنّه يهدف إلى تهجير الشّعب الفلسطينيّ منها، والّذي سيستكمل في الضّفّة الغربيّة لإنهاء القضيّة الفلسطينيّة…

إنّنا في الوقت الّذي نثق بقدرة الشّعب الفلسطينيّ على الصّمود في وجه ما يدبّر له، نعيد التّأكيد على العالم العربيّ والإسلاميّ بالقيام بمسؤوليّاته، وعدم ترك الشّعب الفلسطينيّ وحيدًا أمام الهجمة الّتي يتعرَّض لها، ومنع العدوّ من تحقيق أهدافه، وهو قادر على القيام بدوره إن توحَّدت جهوده وقدراته.

إنَّ من المؤسف أن لا نسمع هذا الصَّوت، أو أن يبقى خافتًا، فيما ترتفع الأصوات في العالم وهي تنادي بالحريّة للشّعب الفلسطينيّ، وإيقاف نزيف الدّم والدّمار فيه.

 
ألقيت في 8-8-2025
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير