قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} صدق الله العظيم.
مرّت علينا في الثّاني عشر، وستمرّ في السَّابع عشر من شهر ربيع الأوّل، وعلى اختلاف الرّوايات، ذكرى ولادة من أرسله الله للنّاس كافّة، ليكون لهم {شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا}، وقد أتمّ رسالته، وبلّغ الدَّعوة، ونصح المسلمين، وبلغ بهم أن يكونوا خير أمَّة أخرجت للنَّاس، وهذا ما نشهد له به، عندما نقول في زيارته: “نشهد أنَّك قد بلّغت الرّسالة، وأدَّيت الأمانة، ونصحت الأمَّة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وجاهدت في الله حقّ جهاده، حتّى آتاك اليقين”.
تربية إلهيَّة
وقد حظي النّبيّ (ص)، ومنذ نعومة أظفاره، بتربية الله عزّ وجلّ له، فقد صنعه الله على عينه، وهذا ما أشار إليه الله عزّ وجلّ عندما قال: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}، وعندما قال: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}، وفي ذلك قول رسول الله (ص): “أدَّبني ربّي فأحسن تأديبي”، وقول أمير المؤمنين (ع): “ولَقَدْ قَرَنَ اللَّه بِه (ص) مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيمًا، أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِه، يَسْلُكُ بِه طَرِيقَ الْمَكَارِمِ، ومَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ، لَيْلَه ونَهَارَه”.
وقد عبّرت سيرته عن مدى الصّفات الّتي تميّز بها (ص)، والّتي فتحت قلوب النّاس عليه وعلى رسالته، والّتي أشار الله عزَّ وجلَّ إليها عندما قال: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
الرّحيم بالنّاس
ونحن اليوم، سنتوقَّف عند واحدة من هذه الصّفات الّتي تميّز بها رسول الله (ص)، وهي الرَّحمة، والَّتي أشار إليها الله سبحانه وتعالى عندما قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}، وفي ذلك، نزلت الآية الَّتي تلوناها: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}، والّتي أظهرت مدى محبَّة رسول الله (ص) للنَّاس وحرصه عليهم ورأفته ورحمته بهم.
وهذا ما ورد في قوله سبحانه وتعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، والّتي تثبت أنّ رسول الله (ص) لم ينجح فقط في أداء دوره لأهميّة ما جاء في رسالته، أو لإعانة الله له، بل لأنّه ملك قلبًا محبًّا حتّى مع الّذين وقفوا في وجهه وآذوه. وقد عبّر الله عن ذلك في حديثه عنه وعن أصحابه، عندما قال: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
مواقف عمليَّة لرحمته (ص)
ونحن اليوم سنشير إلى بعض المواقف الّتي أشارت إلى هذه الرَّحمة وإلى ما أدّت إليه.
الموقف الأوَّل: حصل في معركة أحد، عندما أصيب رسول الله (ص) فيها وكسرت رباعيَّته وشجَّ رأسه، واستشهد خلالها عمّه الحمزة، ومُثّل بجسده الشَّريف، ومعه العشرات من أعزّ أصحابه. يومها، جاء إليه بعض أصحابه وقالوا له: يا رسول الله، ادع عليهم بعذاب من عنده كما عذَّب المشركين الأوائل عندما دعا أنبياؤهم عليهم، ودعاؤك مستجاب يصل إلى الله عزّ وجلّ، ولا حواجز تقف أمامه. فقال لهم: “إنّي لم أُبعث لَعّانًا، ولكنّي بُعثت داعيًا ورحمةً”، لذا ما كان يكفّ عن دعائه لهم بالقول: “اللَّهمّ اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون”.
الموقف الثّاني: بينما كان رسول الله (ص) جالسًا بين أصحابه، أقدم رجل يهوديّ يدعى زيد بن سعنة على شدّ النبيّ (ص) من مجامع ثوبه شدًّا عنيفًا، وقال له: أوفِ ما عليك من الدَّين يا محمَّد، إنّكم يا بني هاشم قوم تماطلون في أداء الدَّين. وكان رسول الله (ص) يومها قد استدان من اليهوديّ بعض الدَّراهم لحاجته، ولكن لم يكن قد حان بعد موعد سدادها، فأخذ رجل من صحابة رسول الله (ص) سيفه يريد ضرب عنق اليهوديّ، بعد صدور هذه الإساءة منه بحقّ رسول الله (ص)، لكنّ رسول الله (ص) نهاه عن ذلك وقال له: “مره بحسن الطَّلب، ومرني بحسن الأداء”، عندها، وأمام هذا الموقف، قال له اليهوديّ: والّذي بعثك بالحقّ يا محمّد، ما جئت لأطلب منك دينًا، إنّما جئت لأختبر أخلاقك، فأنا أعلم أنَّ موعد الدَّين لم يحن بعد، ولكنّي قرأت جميع أوصافك في التَّوراة، فرأيتها كلّها متحقّقة فيك، إلّا صفة واحدة لم أجرّبها معك، وهي أنَّك حليم عند الغضب، وأنَّ شدَّة الجهالة لا تزيدك إلّا حلمًا، ولقد رأيتها فيك الآن. وأسلم بعدها اليهوديّ بين يدي رسول الله (ص)، واستشهد في إحدى معاركه.
ولعلّ الموقف الأبرز للرَّحمة من رسول الله (ص)، ما حصل بعدما فتح رسول الله (ص) مكَّة ودخل إليها بجيشه الجرّار، يومها، جاءت إليه قريش برجالها ونسائها ينتظرون قراره فيهم، وما هو فاعل بهم، بعد كلّ الأذى الّذي حصل منهم تجاهه وتجاه أصحابه الّذين استشهد منهم من استشهد، وأوذي من أوذي، وبعد إصرارهم على قتله وإخراجه من مكّة، والّتي كانت أحبّ البلاد إليه، والحروب الّتي شنّوها عليه وعلى المسلمين معه، وقال لهم يومها: “يا معشرَ قريشٍ، ما ترَونَ أنِّي فاعلٌ بكم؟ قالوا: خيرًا، أخٌ كريمٌ، وابنُ أخٍ كريمٍ”، لمعرفتهم برحمته ومدى كرمه، فقال: “اذهبوا فأنتم الطُّلَقاءُ”، ولم يتعرّض لأحد منهم، وحتّى لم يطلب منهم أن يسلموا، ولم يكتف بذلك، بل أوصى أصحابه بأن لا يريقوا دم إنسان مهما كان تاريخه، وبذلك سجَّل أروع مثل في العفو والمغفرة والتّسامح.
والموقف الأخير هو ما ورد في سيرته (ص)، والَّتي أشارت إلى أنّه كان إذا أراد أن يبعث سريَّة للحرب، يجلسهم بين يديه ويقول لهم: “سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملَّة رسول الله، لا تغلوا، ولا تمثِّلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا صبيًّا ولا امرأة، ولا تقطعوا شجرًا إلَّا أن تضطرّوا إليها… ولا تجهزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبرًا”.
التّأسّي برسول الله (ص)
أيُّها الأحبَّة، إنّنا معنيّون في ذكرى ولادة رسول الله (ص)، أن نثبّت هذه القيمة في نفوسنا، وأن نعزّزها في كلّ واقعنا، بأن تكون طابع حياتنا، في بيوتنا، ومع جيراننا وأرحامنا، وفي مواقع عملنا، أن نحملها للنّاس جميعًا، حتّى من تباعدوا عنّا، حتّى الّذين نختلف معهم في الدّين أو المذهب أو السّياسة، لتبلغ قلوبهم، حيث لا يمكن أن نبلغها بالكلام القاسي وسوء التّعامل، وأن نتخلَّق بأبرز أخلاق الله، عندما وصف نفسه بالرّحمن الرّحيم، وأن نتأسّى برسول الله (ص) الَّذي دعانا القرآن الكريم إلى التأسّي به، عندما قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِر{، وحتّى نحظى بما وُعِدَ به الرّاحمون، حيث ورد في الحديث: “الرَّاحمون يرحَمُهمُ الرَّحمنُ، ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ”، “عجبت لمن يرجو رحمة من فوقه، كيف لا يرحم من دونه”.
وهذا لا يعني رفض القسوة مطلقًا، فقد نضطرّ إليها، وقد تكون ضروريّة لنواجه ظواهر الانحراف والظّلم والفساد والاحتلال، وهذا ينبغي أن يكون بعد استنفاد كلّ سبل الرّحمة، وأن تكون هي العلاج، وحالنا معها حال الجرَّاح الّذي نلجأ إليه عند الضّرورة، للتّخلّص من ألم الجسد، وتحقيق الشّفاء للمريض.
وفّقنا الله لأن نكون ممّن امتلأت قلوبهم بالرَّحمة ووُصفوا بالرَّاحمين.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثَّانية
عباد الله، أوصيكم بما أوصانا به الله سبحانه وتعالى عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.
أيُّها الأحبَّة: إنّنا أحوج ما نكون في ذكرى ولادة رسول الله (ص) إلى أن نتوحَّد به، ونحن وإن كنّا نختلف على تاريخ ولادته، لكنّنا لا يمكن لنا أن نختلف على أنّه نبيّ المسلمين جميعًا، ومظهرٌ سياسيّ لوحدتهم.
وإذا كنّا ندعو إلى الوحدة الإسلاميّة، فهذا لا يعني أن يتنكّر كلّ لمذهبه وقناعته، بل لنؤكّد من خلالها مواقع اللّقاء، وأن نعمل معًا للأهداف الّتي جاء لأجلها رسول الله (ص)، والّتي هي قيم العدل والحريّة والإخاء الإنسانيّ، لنكون كما أرادنا الله {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ونكون بذلك قادرين على مواجهة التّحدّيات.
تصاعد العدوان
والبداية من لبنان، والّذي يشهد تصعيدًا إسرائيليًّا في الغارات الّتي استهدفت العديد من البلدات الجنوبيّة، وعمليّات الاغتيال والمسيّرات التّجسسيّة الّتي لا تفارق سماء لبنان، مع استمرار العدوّ في استهداف أيّ مظهر من مظاهر الحياة وإعادة الإعمار في القرى المتاخمة للشّريط الحدوديّ، وحتّى خارجها.
وهنا نعيد مرّة جديدة، دعوة الدّولة اللّبنانيّة إلى القيام بالدّور المطلوب، واتّخاذ خطوات فاعلة تثبت للّبنانيّين عمومًا، ولأهل الجنوب خصوصًا، بأنّها تبذل الجهود المطلوبة منها لمنع العدوان وردّه، وأنّها لن تألو جهدًا لإيقاف هذا النَّزف المستمرّ، وأنّها لن تكتفي في تأدية دورها ببيانات إدانة، إن حصل منها ذلك، لتعيد ثقة اللّبنانيّين بها.
مسؤوليَّة تاريخيَّة أمام الحكومة
في هذا الوقت، نتطلّع، كما يتطلّع اللّبنانيّون، إلى ما ستفضي إليه الجلسة الّتي ستعقدها الحكومة اليوم، وما ستسفر عنه في ضوء القرارات الّتي كانت قد اتّخذتها، رغم الاعتراض الّذي جرى من داخل الحكومة ومن خارجها.
وهنا وللتّوضيح، إنَّ من عارضوا القرار لم يعارضوا مسألة حصريّة سلاح الدّولة الّتي لها الحقّ بأن تبسط سلطتها على كلّ الأراضي اللّبنانيّة، بل أرادوا أن يحصل ذلك بعد ضمان إيقاف العدوّ لاعتداءاته، وانسحابه من الأراضي الّتي لا يزال يحتلّها، والّتي تشير كلّ الوقائع إلى أنّه لن ينسحب منها، واستعادة الأسرى اللّبنانيّين الّذين يقبعون في سجون الاحتلال، وبعد التّوافق على استراتيجيّة أمن وطنيّ يحمي لبنان من عدوّ لا يخفي أطماعه التّوسعيَّة، وحتّى يتحقّق ذلك، لا يمكن للبنان أن يفرّط بموقع من مواقع القوَّة الّتي يخشاها العدوّ.
ونحن، وفي كلّ ما سيجري في جلسة اليوم، ندعو الحكومة الّتي ستدرس الآليّة الّتي سينفّذ من خلالها الجيش قرارها الّذي كانت قد اتّخذته سابقًا، أن تناقش بعمق ومسؤوليَّة هذه القضيَّة، وأن ينبع قرارها من الحرص على الوحدة داخل الحكومة، ولا يؤدّي إلى تعميق الانقسام داخلها وخارجها، وما يتركه من تداعيات في الدّولة، وأن لا يشكّل تنفيذه إحراجًا للجيش اللّبنانيّ، لكونه سيجعله في مواجهة وصدام مع شريحة واسعة من اللّبنانيّين، ممّن لديهم القناعة في ضرورة تجميده في ظلّ بقاء العدوّ على احتلاله واعتداءاته، وهو صدام لا يريده المعترضون، لحرصهم على حفظ الجيش وصونه من كلّ ما يعرّضه لأيّ انتكاسة، لوعيهم أنَّ أيَّ صدام داخليّ يصبّ في مصلحة الكيان الصّهيونيّ الّذي يعمل جاهدًا لتحقيق ذلك، ما يكرّس احتلاله للأراضي الّتي هو فيها.
إنّنا لا نريد أن نهوّن من حجم الضّغوط الّتي تمارس على الحكومة اللّبنانيَّة، والّتي نشهدها بكلّ وضوح من خلال ما صدر عن المبعوث الأميركيّ، أو الّتي جاءت أخيرًا على لسان وزير حرب العدوّ الّذي هدَّد لبنان بأن يقوم الكيان الصّهيونيّ بتنفيذ سحب سلاح المقاومة إن لم تقم الدّولة به، ولكن هذا لا يدعو الحكومة اللّبنانيّة إلى الرّضوخ إلى الضّغوط، والانصياع لإرادة من يتعاملون مع لبنان بأنّه مهزوم، وعليه أن يقبل بتداعيات هزيمته، بل إلى موقف لبنانيّ موحَّد يأخذ بعين الاعتبار ما يؤمّن حفظ البلد وسيادته على الأرض، ويحول دون بقائه في دائرة الأخطار المحدقة به، ونحن نأمل بأنّ الحكم والحكومة سيجدان المخارج الحكيمة الّتي تؤمّن حصول ذلك.
تعميق الوحدة بين اللّبنانيّين
ويبقى علينا في هذا المجال أن نعيد التّأكيد على ضرورة تعميق الوحدة بين اللّبنانيين، وعلى صعيد ساحتنا الدّاخليّة، والعمل لإزالة كلّ أسباب التّوتّر والفتنة داخلها، في الوقت الّذي ندعو إلى الالتزام بالضّوابط الوطنيّة والأخلاقيّة فيما نطلقه من خطاب سياسيّ، بالابتعاد عن كلّ خطاب يسهم في إثارة النّعرات الطّائفيّة والمذهبيّة، والّذي يولد التّوتّرات ويعمّق الهواجس الّتي يراد لها أن تغرق هذا البلد في الفوضى، ليسهل على الّذي يريد إقامة الحواجز بين اللّبنانيّين أن يحقّق أهدافه. ولذلك نقول: كلّ من لديه كلمة طيّبة فليقلها، وكلّ من لديه كلمة توتّر العلاقة بين اللّبنانيّين فليكفّ عنها، وكما قال رسول الله (ص): “قل خيرًا أو اصمت”.
الضّفّة والقدس تحت الخطر
ونصل إلى غزّة الّتي لا يكفّ العدوّ عن استمرار حرب الإبادة عليها، والاستعداد للأسوأ باقتحامها، وهو يعدّ العدّة لذلك، وهو في ذلك لا يبالي بكلّ الأصوات الّتي تدينه، ما دام يحظى بالتّغطية الدّوليَّة الكافية الّتي تجعله بمنأى عن عن أيّ محاكمة، فيما المخاطر تقترب من الضّفّة الغربيَّة والقدس الّتي يراد إلحاقها بهذا الكيان… ولذلك، فانّنا ندعو مجدّدًا الدّول العربيّة والإسلاميّة وكلّ شعوبنا، إلى الضّغط بكلّ الوسائل لمنع العدوّ من تحقيق ما يصبو إليه، للحؤول دون تحقيق مآربه على صعيد القضيّة الفلسطينيّة، والمسّ بأمن المنطقة وسلامة شعوبها ومكوّناتها.