اضاءات
09/04/2025

الشهيد الصدر يمثل شخصية إسلامية عالمية وعبقرية فكرية إبداعية

الشهيد الصدر يمثل شخصية إسلامية عالمية وعبقرية فكرية إبداعية

لقد عشت مع السيد الشهيد (رحمه الله) علاقات حميمةً وقويةً، وكنا نلتقي في الخط الإسلامي الأصيل، وكان هو الذي اقترح عليّ أن أكتب الافتتاحية الثانية في مجلة الأضواء الإسلامية، وكنت أتابع نمو السيد الشهيد حتى في بدايات شبابه، لأنه كان ظاهرة فكرية قلما تجدها في الأشخاص الذين كانوا في مستوى عمره، وربما كان للبيئة التي ولد فيها دور كبير في تشجيعه، باعتبار أن خاله، وهو المرجع الكبير، الشيخ محمد رضا آل ياسين، كان أستاذاً لمجموعة من فضلاء النجف الأشرف، الذين كانت الحوزة العلمية تحترمهم، وتجد فيهم المجتهدين والفضلاء الكبار، وكان هؤلاء يشجعونه عندما كان يطرح بعض أفكاره في المجالس، وبذلك احتُضِنَ عاطفياً من خلال هذه المجموعة من الفضلاء، حتى قيل إن المرحوم الفقيه الشيخ عباس الربيشي، كان يطلب منه أن يجلس إليه عندما كان يكتب بعض فتاواه.


وقد انفتح السيد الشهيد في مرحلته الأولى على الأبحاث الأصولية، وتأثر تأثراً بالغاً بالمرحوم الشيخ محمد حسين الأصفهاني، المعروف بأصوليته الفلسفية، وكان يتباحث مع بعض الطلاب في النجف حول حاشيته على الكفاية، كما تأثر بالشيخ ضياء الدين العراقي، ثم انطلق بعد ذلك في درس أستاذنا السيد أبي القاسم الخوئي، الذي كان يقدره تقديراً كبيراً، حتى إنه عندما كان يطرح أي إشكال في الدرس، كان السيد الخوئي (رحمه الله) يقرر إشكاله أمام التلامذة ويجيب عنه.

وهكذا كان يتحرك في الحوزة العلمية وهو في سن مبكرة جداً، وكان يُنظر إليه كأستاذ لبعض كتب السطوح التي لا يدرسها إلا الأشخاص الذين يملكون الثقافة الأصولية العميقة. وهكذا بدأ درس الفلسفة عند أستاذها المعروف في النجف، الشيخ ملا صدرا البادكوبي، حتى إنّ أخاه السيد إسماعيل الصدر، استبدل كتاب الحدائق التي كانت عندهم بكتاب الأسفار لكي يدرِّس السيد محمد باقر الصدر هذا الكتاب.

إلى جانب كل ذلك، كان السيد الصّدر يشرف على التيار الإسلامي، وينظِّر للحركة الإسلامية في ما كتبه من الأسس الإسلامية، وكان الإسلاميون، ومنهم الشيخ عارف البصري (رحمه الله) وآخرون، يلتقون معه ويجتمعون عنده ويستفيدون منه. ولذلك فإننا نعتقد أنه كان يمثل القيادة الفكرية للحركة الإسلامية، وعندما حدث الانقلاب في العراق من خلال عبد الكريم قاسم، ونشأت جماعة العلماء في النجف الأشرف كردّ فعل على المد الأحمر، كان هو الذي يكتب بيانات جماعة العلماء في النجف الأشرف.


وقد قام بدور كبير في الرد على الماركسية من خلال كتابه "فلسفتنا" ثم كتابه "اقتصادنا"، ما أعطى الثقافة الإسلامية في العالم خطاً جديداً، لأنه كان أول كاتب إسلامي يؤلف كتاباً في الاقتصاد الإسلامي بالطريقة العلمية التي تقارن بين الاقتصاد الرأسمالي والاقتصاد الماركسي والاقتصاد الإسلامي، ولا يزال المثقفون المسلمون في العالم يستفيدون من كتاب "اقتصادنا"، ولم يحدث أن ألّف أي مفكر إسلامي، حتى من المتخصصين في مجال الاقتصاد، كتاباً جديداً يماثل هذا الكتاب.
 
العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)
اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير