اضاءات
03/09/2025

مولد الرسول(ص) مولد أمّة

مولد الرسول(ص) مولد أمّة

في مولد النّبيّ(ص)، نريد أن نولد كأمَّة، حتى تنفتح على مواقعها كلّها، لتتحسَّس مسؤوليّتها في قضاياها الحيويّة، ولتكون كما أرادها الله، خير أمَّة أخرجت للنَّاس. فالمسألة لا تتصل بقوميَّة الأمَّة، ولا بعدد أفرادها، لكنَّها تتّصل برسالتها: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}

 

وإذا فهمنا أنَّ المعروف هو كلّ عمل يرضاه الله ويحبّه، ويرفع مستوى الإنسان، والمنكر هو كلّ عمل لا يرضاه الله ولا يحبّه، وينزل بمستوى الإنسان، عرفنا معنى أن تكون الأمّة خير أمّة أخرجت للناس، لأنَّ الأمّة الَّتي تحمل الرّسالة للإنسان كلّه وللحياة كلّها، ولا تحدّد حركتها في دائرة ضيّقة، هي أمّة لا بدّ من أن تكون خير الأمم.

 

ونحتاج إلى ولادة جديدة، لأنّنا نعيش موتاً في السّياسة، وموتاً في الاقتصاد، وموتاً في الاجتماع، وموتاً في الأمن، فنحن المستضعفون الَّذين يعملون على أن يعمّقوا استضعافهم، ويعملون على أساس أن ينظّروا لهزائمهم، وأن يعملوا على أن لا يكونوا أقوياء، لأنهم يخافون ذلك، فالقوّة مكلفة، أمّا الضّعف، فقد يخلق عذراً من منطلق: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}[2]. ولكنَّ القوَّة تتحدَّاك لتقول لك، إنَّ عليك أن تواجه الأقوياء، وإنَّ عليك أن تضرب الأقوياء في مواقع ضعفهم أوّلاً، ثم تكتسب من ذلك قوّة جديدة، لتضربهم في مواقع قوّتهم ثانياً.. ونعني بالأقوياء المستكبرين، أمَّا الأقوياء الطيّبون، فإنّك تتعاون معهم على أساس تعاون القويّ مع القويّ.

 

لقد فقدنا ـ أيّها الأحبّة ـ أمام تاريخ التخلّف كلّه، وحركة الجهل فينا، الكثير من الإحساس بحاجاتنا إلى أن نكون شيئاً حيويّاً في الكون، وأصبح جزءاً من واقعنا الَّذي نعيش فيه، أن جعلنا الجهل مقدَّساً، وبذلك رجمنا العلم بالحجارة، لأنّه يقف ضدَّ ما سمّيناه المقدّسات، وجعلنا التخلّف حضارة، ولذلك، رجمنا الحضارة بكلمات الكفر والضَّلال وما إلى ذلك، وبهذا، نكون قد قلبنا المفاهيم، فأصبح الإنسان يعيش سجين ذاته، ولا ينفتح على الآخر والواقع كلّه.

 

العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)

اقرأ المزيد
نسخ النص نُسِخ!
تفسير